معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَهَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ} (9)

قوله عز وجل : { الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى *وهل أتاك حديث موسى } ، أي : قد أتاك ، استفهام بمعنى التقرير .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَهَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ} (9)

ثم ساقت السورة الكريمة بشىء من التفصيل جانبا من قصة موسى ، التى تعتبر أكثر قصص الأنبياء ورودا فى القرآن الكريم ، حيث جاء الحديث عنها فى سور : البقرة ، والمائدة ، والأعراف ، ويونس ، والإسراء ، والكهف ، والشعراء ، والقصص .

وقد بدأت السورة حديثها عن قصة موسى ببيان اختيار الله - تعالى - له لحمل رسالته ، وتبليغ دعوته قال - تعالى - : { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ . . . } .

قال ابن كثير - رحمه الله - : " من ها هنا شرع - تبارك وتعالى - فى ذكر قصة موسى ، وكيف كان ابتداء الوحى إليه وتكليمه إياه ، وذلك بعد ما قضى موسى الأجل الذى كان بينه وبين صهره فى رعاية الغنم وسار بأهله ، قاصدا بلاد مصر بعد ما طالت الغيبة عنها أكثر من عشر سنين ، ومعه زوجته فاضل الطريق ، وكانت ليلة شاتية ، ونزل منزلا بين شعاب وجبال ، فى برد وشتاء ، وسحاب وظلال وضباب ، وجعل يقدح بزند معه ليُورِى نارا ، كما جرت العادة به ، فجعل لا يقدح شيئا ، ولا يخرج منه شرر ولا شىء ، فبينما هو كذلك ، إذ آنس من جانب الطور نارا .

أى : ظهرت له نار من جانب الجبل الذى هناك عن يمينه ، فقال لأهله يبشرهم : { . . امكثوا إني آنَسْتُ نَاراً لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ } أى : شهاب من نار . .

والاستفهام فى قوله - سبحانه - : { وَهَلْ أَتَاكَ . . . } لتقرير الخبر وتثبيته ، وهذا أبلغ عن مجيئه بصورة الخبر المجرد . لأن فى الاستفهام التقريرى تطلع واشتياق لمعرفة الخبر .

والجملة الكريمة مستأنفة لتأكيد ما سبق الحديث عنه من وحدانية الله - تعالى - ولتسلية الرسول - صلى الله عليه وسلم - عما أصابه من قومه . ببيان جانب من جهاد أخيه موسى - عليه السلام - .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَهَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىَ * إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأهْلِهِ امْكُثُوَاْ إِنّيَ آنَسْتُ نَاراً لّعَلّيَ آتِيكُمْ مّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النّارِ هُدًى } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مسليه عما يلقى من الشدّة من مشركي قومه ، ومعرفه ما إليه صائر أمره وأمرهم ، وأنه معليه عليهم ، وموهن كيد الكافرين ، ويحثه على الجدّ في أمره ، والصبر على عبادته ، وأن يتذكر فيما ينوبه فيه من أعدائه من مُشركي قومه وغيرهم ، وفيما يزاول من الاجتهاد في طاعته ما ناب أخاه موسى صلوات الله عليه من عدوّه ، ثم من قومه ، ومن بني إسرائيل وما لقي فيه من البلاء والشدّة طفلاً صغيرا ، ثم يافعا مترعرعا ، ثم رجلاً كاملاً : وَهَل أتاكَ يا محمد حَدِيثُ مُوسَى ابن عمران إذْ رأى نارا ؟ ذكر أن ذلك كان في الشتاء ليلاً ، وأن موسى كان أضلّ الطريق فلما رأى ضوء النار قالَ لأَهْلِهِ ما قال . ذكر من قال ذلك :

حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال : لما قضى موسى الأجل ، سار بأهله فضلّ الطريق . قال عبد الله بن عباس : كان في الشتاء ، ورُفعت لهم نار فلما رآها ظنّ أنها نار ، وكانت من نور الله قالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إنّي آنَسْتُ نارا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن وهب بن منبه اليماني ، قال : لما قضى موسى الأجل ، خرج ومعه غنم له ، ومعه زند له ، وعصاه في يده يهشّ بها على غنمه نهارا ، فإذا أمسى اقتدح بزنده نارا ، فبات عليها هو وأهله وغنمه ، فإذا أصبح غدا بأهله وبغنمه ، فتوكأ على عصاه ، فلما كانت الليلة التي أراد الله بموسى كرامته ، وابتداءه فيها بنبوّته وكلامه ، أخطأ فيه الطريق حتى لا يدري أين يتوجه ، فأخرج زنده ليقتدح نارا لأهله ليبيتوا عليها حتى يصبح ، ويعلم وجه سبيله ، فأصلد زنده فلا يوري له نارا ، فقدح حتى أعياه ، لاحت النار فرآها ، فقَالَ لأهلهِ امْكُثُوا إنّي آنَسْتُ نارا لَعَلّي آتِيكُمْ مِنْها بقَبَسٍ أوْ أجِدُ عَلى النّارِ هُدًى . وعنى بقوله : آنَسْتُ نارا وجدت ، ومن أمثال العرب : بعد اطلاع إيناس ، ويقال أيضا : بعد طلوع إيناس ، وهو مأخوذ من الأنس .

وقوله : " لَعَلّي آتِيكُمْ مِنْها بقَبسٍ " يقول : لعلي أجيئكم من النار التي آنست بشُعْلة . والقَبَس : هو النار في طَرَف العود أو القصبة . يقول القائل لصاحبه : أقبسني نارا ، فيعطيه إياها في طرف عود أو قصبة . وإنما أراد موسى بقوله لأهله : " لَعَلّي آتِيكُمْ مِنْها بقَبَسٍ " لعلي آتيكم بذلك لتصطلوا به ، كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن وهب بن منبه " لَعَلّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ " قال : بقبس تَصْطَلون .

وقوله : " أوْ أجِدُ عَلى النّارِ هُدًى " دلالة تدلّ على الطريق الذي أضللناه ، إما من خبر هاد يهدينا إليه ، وإما من بيان وعلم نتبينه به ونعرفه . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : " أوْ أجِدُ عَلى النّارِ هُدًى " يقول : من يدلّ على الطريق .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : " أوْ أجِدُ عَلى النّارِ هُدًى " قال : هاديا يهديه الطريق .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " أوْ أجِدُ عَلى النّارِ هُدًى " : أي هداة يهدونه الطريق .

حدثني أحمد بن المقدام ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : سمعت أبي يحدّث ، عن قتادة ، عن صاحب له ، عن حديث ابن عباس ، أنه زعم أنها أَيلة أوْ أجِدُ عَلى النّارِ هُدًى . وقال أبيّ : وزعم قتادة أنه هدى الطريق .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله " أوْ أجِدُ عَلى النّارِ هُدًى " قال : من يهديني إلى الطريق .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن وهب بن منبه أوْ أجِدُ عَلى النّارِ هُدًى قال : هدى عن علم الطريق الذي أضللنا بنعت من خبر .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا سفيان ، عن أبي سعيد ، عن عكرمة ، قال : قال ابن عباس " لَعَلّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أوْ أجِدُ عَلى النّارِ هُدًى " قال : كانوا أضلوا عن الطريق ، فقال : لعلي أجد من يدلني على الطريق ، أو آتيكم بقبس لعلكم تصطلون .