وقوله سبحانه : { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ موسى * إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ امكثوا إني آنَسْتُ نَاراً لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النار هُدىً } [ طه : 9 و10 ] .
هذا الاِسْتفهام توقيفٌ مضمنه : تَنْبِيه النفس إلى استماع ما يورد عليها ، وهذا كما تبدَأُ الرجل إذا أَردْتَ إخْبَارَه بأَمْرٍ غَرِيبٍ فتقول : أعلمْتَ كذا ، وكذا ، ثم تبدأ تخبره . وكان من قصّة موسى عليه السلام أنه رحل من مَدْيَن بأهله بِنْت شُعَيْب عليه السلام وهو يريدُ أَرض مِصْر ، وقد طالت مُدَّة جِنَايته هُنَالِكَ ، فَرَجَا خَفَاءَ أمْره ، وكان فيما يزعمون رَجُلاً غَيُوراً ، فكان يَسِيرُ الليلَ بأهْلِهِ ، وَلاَ يَسِيرُ بالنهار مخافةَ كشفة الناسِ ، فَضَلَّ عن طريقه في لَيْلَةٍ مُظْلمة ، فبينما هو هو كذلك ، وقد قَدَحَ بزنده ، فلم يُورِ شَيْئاً { إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ امكثوا } ، أيْ : أقِيموا ، وذهب هو إلى النار ، فإذا هي مُضْطَرِمةٌ في شَجَرةٍ خَضْرَاءَ يانِعةٍ ، قيل : كانت من عُنَّابٍ ، وقِيلَ : من عَوْسَج ، وقِيلَ : من عُلَّيْقٍ ، فكلَّما دَنَا مِنْها ، تباعَدَتْ منه ، ومَشَتْ فإذا رجع عنها اتَّبعَتْهُ ، فلما رأَى ذَلِكَ أَيقنَ أَنَّ هذا مِنْ أُمُورِ اللّه الخَارِقَةِ للعادة ، ونُودِي ، وانقضى أَمْرُه كُلّه في تلك الليلة هذا قول الجُمْهُورِ ، وهو الحقُّ ، وما حُكِيَ عن ابنِ عباسٍ : أنَّه قال : أَقامَ في ذلك الأَمْرِ حَوْلاً ، فغيرُ صَحِيحٍ عن ابن عباس .
وآنَسْتُ : معناه : أَحْسَسْتُ ، والقَبَسُ : الجذْوةُ من النار ، تكون على رَأْس العُودِ والهُدَى : أراد هُدَى الطريقِ ، أَيْ : لعلي أَجِدُ مرشداً لي ، أوْ دليلاً ،
وفي قِصَّة موسى بأسْرها في هذه السورة تسْلِيةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم عما لَقِيَ في تَبْلِيغه من المَشَقَّاتِ صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.