نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلۡعَذَابِ قَلِيلًاۚ إِنَّكُمۡ عَآئِدُونَ} (15)

ولما لفت سبحانه الخطاب عنهم إهانة لهم ، بين أن سببه أن داءهم عضال ، فليس له أبداً زوال ، فقال مؤكداً لاستبعادهم زوال ما هم فيه : { إنا } أي على ما لنا من العظمة {[57378]}بالعلم المحيط{[57379]} وغيره { كاشفوا العذاب } [ أي-{[57380]} ] عنكم بدعاء رسولكم صل الله عليه وسلم في القول بأن الدخان ما كانوا يرونه بسبب{[57381]} الجوع من القحط { قليلاً } إقامة للحجة عليكم لا لخفاء ما في ضمائركم علينا . ولما كانوا{[57382]} قد أكدوا الإخبار بأيمانهم{[57383]} ، وهو باطل ، أكد سبحانه الإخبار بكذبهم ، ومن أصدق منه سبحانه قيلاً{[57384]} ، فقال تحقيقاً لقوله تعالى{ ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه }[ الأنعام :28 ] { وإنهم لكاذبون }[ الأنعام : 28 ] : { إنكم عائدون{[57385]} * } أي ثابت عودكم بعد كشفنا عنكم في ذلك الزمن القصير إلى الكفران وإن أكدتم حصول الإيمان [ بأكيد الإيمان-{[57386]} ] لما في جبلاتكم من العوج ولطباعكم من المبادرة إلى الزلل ، فإيمانكم هذا الذي أخبرتم برسوخه عرض زائل وخيال باطل ، وإن كان هذا في آخر الزمان فلا يدع أن يكون الخطاب لهم على حقيقته بملك أو غيره ممن يرده الله تعالى لأن ذلك زمان خرق العادات ونقض المطردات إقامة للحجة عليهم وله الحجة البالغة ، وتأديباً لنا وتعليماً .


[57378]:من مد، وفي الأصل و ظ: بالمحيط.
[57379]:من مد، وفي الأصل و ظ: بالمحيط.
[57380]:زيد من مد.
[57381]:من مد، وفي الأصل و ظ: سبب.
[57382]:من ظ ومد، وفي الأصل: كان وا-كذا.
[57383]:في مد: بكذبهم بأيمانهم.
[57384]:من ظ ومد، وفي الأصل: قليلا.
[57385]:من ظ ومد والقرآن، وفي الأصل: لعائدون.
[57386]:زيد من مد.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلۡعَذَابِ قَلِيلًاۚ إِنَّكُمۡ عَآئِدُونَ} (15)

قوله : { إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عآئدون } ذلك تنبيه من الله على أن هؤلاء المشركون لا يوفون بعهدهم وهم إنما يتضرعون إلى الله في حال العجز فإذا زال الخوف عادوا إلى الكفر وتقليد الآباء والأجداد في مللهم الضالة . وقد وعد الله في هذه الآية أن يكشف عنهم ذلك العذاب زمانا قليلا ليبين أنهم لا يفون بما وعدوا بل يعودون إلى الكفر بعد كشف العذاب . وهذا التأويل على قوله من ذهب إلى أن المراد بالدخان القحط والشدة . أما من قال إن الدخان منتظر إيذانا بقيام الساعة أشار بهذا إلى ما يكون من الفرجة بين علامة وأخرى من علامات الساعة . فمن قضى عليه بالكفر استمر على كفره .