محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلۡعَذَابِ قَلِيلًاۚ إِنَّكُمۡ عَآئِدُونَ} (15)

وقوله تعالى :

[ 15 ] { إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون 15 } .

{ إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون } يحتمل معنيين : أحدهما – أنه يقول تعالى ولو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى الدار الدنيا ، لعدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب . كقوله تعالى :{[6520]} { ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجّوا في طغيانهم يعمهون } وكقوله جلت عظمته : {[6521]} { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون } والثاني – أن يكون المراد إنا مؤخروا العذاب عنكم قليلا بعد انعقاد أسبابه ووصوله إليكم ، وأنتم مستمرون فيما أنتم فيه من الطغيان والضلال . ولا يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم . كقوله تعالى :{[6522]} { إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين } ولم يكن العذاب باشرهم واتصل بهم . / بل كان قد انعقد سببه عليهم . ولا يلزم أيضا أن يكونوا قد أقلعوا عن كفرهم ثم عادوا إليه . قال الله تعالى ، إخبارا عن شعيب عليه السلام ، أنه قال لقومه حين قالوا : {[6523]} { لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودون في ملتنا ، قال أولو كنا كارهين * قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجّانا الله منها } وشعيب عليه السلام لم يكن قط على ملتهم وطريقتهم . وقال قتادة : { إنكم عائدون } إلى عذاب الله .


[6520]:[23/ المؤمنون/ 75].
[6521]:[ 6/ الأنعام/ 28].
[6522]:[10/ يونس/ 98].
[6523]:[7/ الأعراف/ 88و 89].