نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا} (19)

ولما كان ما مضى من هذه السورة من الأحكام والترغيب والترهيب مرشداً{[69573]} إلى معالي الأخلاق منقذاً من كل سوء ، قال مستأنفاً مؤكداً تنبيهاً على عظمها وأنها مما ينبغي التنبيه عليه : { إن هذه } أي القطعة{[69574]} المتقدمة من هذه السورة { تذكرة } أي تذكير عظيم هو أهل لأن يتعظ به المتعظ ويعتبر به المعتبر ، ولا سيما ما ذكر فيها بأهل الكفر من أنواع العقاب . ولما كان سبحانه قد جعل للإنسان عقلاً يدرك به الحسن والقبيح ، واختياراً يتمكن به من اتباع ما يريد فلم يبق له مانع من جهة اختيار الأصلح والأحسن إلا قسر المشيئة التي لا اطلاع له عليها ولا حيلة له-{[69575]} فيها ، سبب عن ذلك قوله : { فمن شاء } أي التذكر{[69576]} للاتعاظ { اتخذ } أي أخذ{[69577]} بغاية جهده { إلى ربه } أي خاصة ، لا إلى غيره { سبيلاً * } أي طريقاً يسلبه حظوظه لكونه لا لبس فيه ، فيسلك على{[69578]} وفق ما جاءه من التذكرة ، وذلك الاعتصام حال السير بالكتاب والسنة على وفق ما اجتمعت عليه الأمة ، ومتى زاغ عن ذلك هلك .


[69573]:من ظ و م، وفي الأصل: برشد.
[69574]:من ظ و م، وفي الأصل: العظيمة.
[69575]:زيد من ظ و م.
[69576]:من ظ و م، وفي الأصل: التذكير.
[69577]:من م، وفي الأصل و ظ: أخذا.
[69578]:زيد في الأصل: غير، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا} (19)

قوله تعالى : { إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا 19 إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدّر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسّر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى آخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرأوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } .

هذه طائفة من الأحكام والمواعظ والعبر يتدبرها المؤمنون ليزدادوا بها تذكرا واعتبارا . فقال سبحانه في ذلك : { إن هذه تذكرة } يعني هذه الآيات التي تضمنت أخبار القيامة وما فيها من الأهوال والشدائد { تذكرة } أي عبرة لمن يعتبر ، وعظة لمن يتعظ ويدّكر { فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا } يعني من شاء من العباد سلك إلى ربه طريقا مستقيما فيؤمن به ويعمل بطاعته ويجتنب معاصيه .