نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ تَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (3)

ولما وحد نفسه ، دل على ذلك بقوله ، شارحاً لإيجاده أصول العالم وفروعه على وجه الحكمة : { خلق السماوات } أي التي هي السقف المظل { والأرض } أي التي هي البساط المقل { بالحق } أي بالأمر المحقق الثابت ، لا بالتمويه والتخييل { ألا له الخلق والأمر } .

ولما كان ذلك من صفات الكمال المستلزمة لنفي النقائص ، وكان قاطعاً في التنزه عن الشريك ، لأنه لو كان ، لزم إمكان الممانعة ، فلزم العجز عن المراد ، أو وجود الضدين المرادين لهما ، وكل منهما محال ، فإمكان الشريك محال ، ولأنهما وكل ما فيهما ملكه وفي تصرفه ، لا نزاع لمن أثبت الإله في ذلك ، تلاه بقوله - نتيجة لذلك دالة على أنه تعالى ليس من قبيل الأجرام : { تعالى } أي تعالياً فات الوصف { عما يشركون * } - عرياً عن افتتاحه بالتنزيه كالأولى .