نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ فَيَقُولُ أَيۡنَ شُرَكَآءِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ} (74)

ولما ذكر ما للمفلح من الرجاء في يوم الجزاء ، وأتبعه الإعلام بأن الهداية إلى الفلاح إنما هي به ، ودل على ذلك إلى أن ذكر ايام الدنيا المشتملة على الليل والنهار على وجه دال على وحدانيته ، معلم بالقدرة على البعث بعد الموت بتكرير إيجاد كل من الملوين بعد إعدامه وتكرير إماتة الناس بالنوم ، ثم نشرهم باليقظة ، وختم ذلك بالشكر إشارة إلى أنه سبب الفلاح ، عاد إلى يوم الجزاء الذي تظهر فيه ثمرة ذلك كله ، مقرعاً على الإشراك مع ظهور هذه الدلائل على التوحيد ، وعدم شبهة قائمة على الشرك غير محض التقليد ، فقال منبهاً على عجزهم عن البرهان عند استحقاق البرهان في يوم التناد ، لمحضر من الأشهاد ، مع ما فيه من التأكيد للتهويل بالتكرير ، والتاطيد للتهليل والتقرير : { ويوم يناديهم } أي هؤلاء الذي يظنون أنهم معجزون { فيقول } بلسان الغضب والإخزاء والتوبيخ وقد جمعوا جمعاً : { أين شركاءي } وكرر الإشارة إلى أن إشراكهم إنما هو بالاسم لا معنى فيه أصلاً فقال : { الذين كنتم } أي بغاية جهدكم حتى صار لكم ذلك لمكة { تزعمون* } بلا شبهة لكم في ذلك عند التحقق أصلاً .