نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَنَزَعۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةٖ شَهِيدٗا فَقُلۡنَا هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ فَعَلِمُوٓاْ أَنَّ ٱلۡحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (75)

ولما ذكر الدليل الأول من الدليل على إبطال الشركة أن الشركاء لم يستجيبوا لهم ولا كانت لهم قدرة على نصرهم ولا نصر أنفسهم ، وكان ربما قيل : إن ذلك الشيء عبر العجز ، دل هنا على الإشراك لا شبهة دليل فقال صارفاً بقول إلى مظهر التكلم بأسلوب العظمة لأنه مجرد فعال { ونزعنا } أي أفردنا بقوة وسطوة { من كل أمة شهيداً } أي وهو رسولهم ، فشهد عليهم بأعمالهم وما كانوا فيه من الارتباك في أشراك الإشراك .

ولما تسبب عن ذلك سؤالهم عن سندهم في إشراكهم قال : { فقلنا } أي للأمم : { هاتوا برهانكم } أي دليلكم القطعي الذي فزعتم في الدنيا إليه ، وعولتم في شرككم عليه ، كما هو شأن ذوي العقول أنهم لا يبنون شيئاً على غير أساس { فعلموا } بسبب هذا السؤال لما اضطروا ففتشوا واجتهدوا فلم يجدوا لهم سنداً أصلاً { أن الحق } أي في الإلهية { لله } أي الملك الأعلى الذي له الأمر كله ولا مكافىء له ، لا شركة لشيء معه { وضل } أي غاب وبطل غيبة الشيء الضائع { عنهم ما كانوا } أي كوناً هو كالجبلة لهم { يفترون* } أي يقولونه قول الكاذب المتعمد للكذب لكونه لا دليل عليه ولا شبهة موجبة للغلط فيه .