نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِن كَانَتۡ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَإِذَا هُمۡ جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ} (53)

ولما كان الإخبار بالنفخ لا ينفي التعدد ، قال محقراً لأمر البعث بالنسبة إلى قدرته مظهراً للعناية بتأكيد كونها واحدة بجعل الخبر عنه أصلاً مستقلاً بفضله عن النفخ والإتيان فيه بفعل الكون و " إن " النافية لأدنى مظاهر مدخولها فكيف بما وراءه دون " ما " التي إنما تنفي التمام : { إن } أي ما { كانت } أي النفخة التي وقع الإحياء بها مطلق كون { إلا صيحة واحدة } أي كما كانت نفخة الإماتة واحدة { فإذا هم } أي فجأة من غير توقف أصلاً { جميع } أي على حالة الاجتماع ، لم يتأخر منهم أحد ، يتعللون به في ترك الانتصار ، ودوام الخضوع والذل والصغار ، ولما كان ذلك على هيئات غريبة لا يبلغ كنهها العقول ، قال لافتاً القول إلى مظهر العظمة معبراً بما للأمور الخاصة : { لدينا } ولما كان ذلك أمراً لا بد منه ، ولا يمكن التخلف عنه ، عبر بصيغة المفعول وأكد معنى الاجتماع بالجمع نظراً إلى معنى جميع ولم يفرد اعتباراً للفظها لما ذكر من المعنى فقال : { محضرون * } أي بغاية الكراهة منهم لذلك بقادة تزجرهم وساقة تقهرهم .