اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِن كَانَتۡ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَإِذَا هُمۡ جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ} (53)

قوله : { إن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } تقدمت قراءتا : { صَيْحَةً وَاحِدَةً } [ يس : 53 ] نصباً ورفعاً أي ما كانت النفخة إلا صيحة واحدة ، ويدل على النفخة قوله : { وَنُفِخَ فِي الصور } . ويحتمل أن يقال : إنها كانت الواقعة وقرئت الصيحة مرفوعة على أن «كان » هي التامة{[46394]} بمعنى «ما وقعتْ إلاَّ صَيْحَةٌ » قال الزمخشري : لو كان كذلك لكان الأحسن أن يقال : إن كان ؛ لأن المعنى حينئذ ما وقع شيء إلى صيحة لكن التأنيث جائز إحالته على الظاهر{[46395]} . ويمكن أن يقول{[46396]} الذي قرأ بالرفع{[46397]} إن قوله : { إِذَا وَقَعَتِ الواقعة } [ الواقعة : 1 ] تأنيث تهويل ومبالغة بدليل قوله تعالى : { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } [ الواقعة : 2 ] فإنها للمبالغة فكذلك ههنا قال : «إنْ كانت إلا موتتنا الأولى » تأنيث تهويل ، ولهذا جاءت أسماء يوم الحشر كلها مؤنثة كالقيامة والقارعة والحَاقَة والصَّاخَّة إلى غيرها{[46398]} .

والزمخشري يقول : كاذبة بمعنى ليس لوقعتها نفس كاذبة{[46399]} وتأنيث أسماء الحشر لكون الحشر مسمى بالقيامة . وقوله «محضرون » دليل على أنّ كونهم ينسلون إجباريّ لا اختياريّ{[46400]}


[46394]:وهي التي تكتفي بمرفوع على أنه فاعل أو نائبه كقوله عز وجل: {وإن كان ذو عسرة}. وهذا رأي الإمام في أن "كان" هي التامة.
[46395]:الكشاف 3/320.
[46396]:هذا قول الرازي. انظر التفسير الكبير له 26/90.
[46397]:في ب نافع تحريف وخطأ.
[46398]:الرازي 26/90.
[46399]:قاله في الكشاف 4/51.
[46400]:الرازي 26/90.