ولما ذكر ما حد له حدوداً في السباحة في وجه الفلك لو تعداها لاختل النظام ، ذكر ما هيأه من الفلك للسباحة على وجه الماء الذي طبق الأرض في زمن نوح عليه السلام حتى كانت كالسماء ، ولو تعدت السفينة ما حد لها سبحانه من المنازل فنفذت إلى بحر الظلمات لفسد الشأن ، وكانوا فيها كأنهم في الأرض ، وبسيرها كأنهم يخترقون الجبال والفيافي والقفار - كل ذلك تذكيراً بأيام الله ، وتنبيهاً على استدرار نعمه ، وتحذيراً من سطواته ونقمه ، ومنّاً عليهم بما يسر لهم من سلوك البحر والتوصل به إلى جليل المنافع فقال : { وآية لهم } أي على قدرتنا التامة وعلمنا الشامل { أنا } أي على ما لنا من العظمة { حملنا } .
ولما كان من قبل نوح عليه السلام من أصول البشر لم يحملوا في الفلك ، عدل عن التعبير بالضمير والآباء إلى قوله : { ذريتهم } أي ذرية البشر التي ذرأناها وذروناها وذررناها حتى ملأنا بها الأرض من ذلك الوقت إلى آخر الدهر ، ولهذا التكثير المفهوم من هذا الاشتقاق البليغ اغتنى ابن كثير وأبو عمرو والكوفيون فقرأوا بالإفراد ، وزادت في الإيضاح قراءة الباقين بالجمع ، بعضهم ظاهراً وبعضهم في ظهر أبيه { في الفلك } عرفه لشهرته بين جميع الناس { المشحون * } أي الموقر المملوء حيواناً وزاداً ، وهو يتقلب في تلك المياه التي لم ير قط مثلها ولا يرى أبداً ، ومع ذلك فسلمه الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.