التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

{ إن المتقين في جنات ونعيم ( 17 ) فاكهين1 بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم ( 18 ) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون( 19 ) متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين ( 20 ) والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم 2 من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين ( 21 ) وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون ( 22 ) يتنازعون3 فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم 4 ( 23 ) ويطوف عليهم غلمان 5 لهم كأنهم لؤلؤ مكنون 6 ( 24 )وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون 7 ( 25 )قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين( 26 ) فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم 8 ( 27 ) إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم( 28 ) } [ 17-28 ] .

وفي هذه الآيات تنويه بمصائر المؤمنين الذين اتقوا الله بالإيمان وصالح العمل والبعد عن الإثم مقابلة لذكر مصائر المكذبين جريا على الأسلوب القرآني . وهي واضحة العبارة في وصف مظاهر النعيم الذي يتنعمون به وإدراكهم لما صاروا له من مظهر فضل الله وعنايته جزاء خوفهم منه واتجاههم إليه وحده . وأسلوبها شائق مغر من شأنه بعث الابتهاج والطمأنينة في المؤمنين والتنويه بأعمالهم الصالحة المرضية ، وحث عليها وتشويق غيرهم لها ، وهو مما استهدفته الآيات كما هو المتبادر ، وقد تكرر مثل هذا الوصف المستمد من مألوفات الدنيا وما فيها من صور أحسن المتع للتقريب والتمثيل .

وجملة { كل امرئ بما كسب رهين } تتضمن كما هو المتبادر معنى تعقيبيا بالنسبة لما ذكر من مصير الفريقين الكفار والمتقين . فكل منهم ينال وفاقا لعمله وكسبه ، وفي هذا توكيد للمبدأ القرآني المحكم المتكرر من مسؤولية الإنسان عن عمله وكسبه ونيله ما يستحق من الثواب والعقاب حسب ذلك .