البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

{ كلوا واشربوا } على إضمار القول : أي يقال لهم : { هنيئاً } .

قال الزمخشري : أكلاً وشرباً هنيئاً ، أو طعاماً وشراباً هنيئاً ، وهو الذي لا تنغيص فيه .

ويجوز أن يكون مثله في قوله :

هنيئاً مريئاً غير داء مخامر *** لعزة من أعراضنا ما استحلت

أعني : صفة استعملت استعمال المصدر القائم مقام الفعل ، مرتفعاً به ما استحلت ، كما يرتفع بالفعل ، كأنه قيل : هنا عزة المستحل من أعراضنا .

وكذلك معنى هنيئاً ههنا : هنأكم الأكل والشرب ، أو هنأكم ما كنتم تعملون ، أي جزاء ما كنتم تعملون ، والباء مزيدة كما في : { كفى بالله } ، والباء متعلقة بكلوا واشربوا ، إذا جعلت الفاعل الأكل والشرب . انتهى .

وتقدم لنا الكلام مشبعاً على { هنيئاً } في سورة النساء .

وأما تجويزه زيادة الباء ، فليست زيادتها مقيسة في الفاعل ، إلا في فاعل كفى على خلاف فيها ؛ فتجويز زيادتها في الفاعل هنا لا يسوغ .

وأما قوله : إن الباء تتعلق بكلوا واشربوا ، فلا يصح إلا على الأعمال ، فهي تتعلق بأحدهما .