معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمۡ وَٱلۡمُقِيمِي ٱلصَّلَوٰةِ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (35)

وقوله : { وَالْمُقِيمِي الصَّلاَةِ35 } خفضت ( الصلاة ) لما حذفت النون وهي في قراءة عبد الله ( والمقيمين الصلاةَ ) ولو نصبت ( الصلاة ) وقد حذفت النون كان صواباً . أنشدني بعضهم :

أسَيِّدُ ذو خُرَيِّطَةٍ نهاراً *** من المتلقِّطى قَرَدَ القُمامِ

( وَقردِ ) وإنما 122 ا جاز النصب مع حذف النون لأن العرب لا تقول في الواحد إلاَّ بالنصب . فيقولونَ : هو الآخذ حَقَّه فينصبون الحقّ ، لا يقولون إلاّ ذلك والنون مفقودة ، فبنَوا الاثنين والجميع على الواحد ، فنصبوا بحذف النون . والوجه في الاثنين والجمع الخفض ؛ لأن نونهما قد تظهر إذا شئت ، وتحذف إذا شئت ، وهي في الواحد لا تظهر . فذلك نصبُوا . ولو خُفِض في الواحد لجاز ذلك . ولم أسمعه إلا في قولهم : هو الضارب الرجَلِ ، فإنهم يخفضون الرجل وينصبونه فمَن خفضه شبهَّه بمذهب قولهم : مررت بالحسن الوجهِ فإذا أضافوه إلى مكنّى قالوا : أنت الضاربُهُ وأنتما الضارباه ، وأنتم الضاربوه . والهاء في القَضَاء عليها خَفْض في الواحد والاثنين والجمع . ولو نويت بها النصب كان وجها ، وذلك أَنّ المكنّى لا يتبيَّن فيه الإعراب . فاغتنموا الإضافة لأنها تتّصل بالمخفوض أشدّ مما تتصل بالمنصوب ، فأخذوا بأقوى الوجهين في الاتّصال . وكان ينبغي لمَن نصب أن يقول : هو الضارب إيّاه ، ولم أسمع ذلكَ .