تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمۡ وَٱلۡمُقِيمِي ٱلصَّلَوٰةِ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (35)

ثم ذكر صفات المخبتين فقال : { الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } أي : خوفا وتعظيما ، فتركوا لذلك المحرمات ، لخوفهم ووجلهم من الله وحده ، { وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ } من البأساء والضراء ، وأنواع الأذى ، فلا يجري منهم التسخط لشيء من ذلك ، بل صبروا ابتغاء وجه ربهم ، محتسبين ثوابه ، مرتقبين أجره ، { وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ } أي : الذين جعلوها قائمة مستقيمة كاملة ، بأن أدوا اللازم فيها والمستحب ، وعبوديتها الظاهرة والباطنة ، { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } وهذا يشمل جميع النفقات الواجبة ، كالزكاة ، والكفارة ، والنفقة على الزوجات والمماليك ، والأقارب ، والنفقات المستحبة ، كالصدقات بجميع وجوهها ، وأتي ب { من } المفيدة للتبعيض ، ليعلم سهولة ما أمر الله به ورغب فيه ، وأنه جزء يسير مما رزق الله ، ليس للعبد في تحصيله قدرة ، لولا تيسير الله له ورزقه إياه . فيا أيها المرزوق من فضل الله ، أنفق مما رزقك الله ، ينفق الله عليك ، ويزدك من فضله .