معاني القرآن للفراء - الفراء  
{إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} (18)

وقوله : { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } .

فذكروا أنه جمع رؤساء أهل مكة فقال : إن الموسم قددنا ، وقد فشا أمر هذا الرجل في الناس ، ما أنتم قائلون فيه للناس ؟ قالوا : نقول : مجنون . قال : إذًا يؤتى فيكلّم ، فيُرى عاقلا صحيحا ، فيكذبوكم ، قالوا : نقول : شاعر . قال : فهم عرب قد رووا الأشعار وعرفوها ، وكلام محمد لا يُشْبِهُ الشِّعرَ ، قالوا : نقول : كاهن ، قال : فقد عرفوا الكهنة [ 112/ب ] ، وسألوهم ، وهم لا يقولون : يكون كذا وكذا إن شاء الله ، ومحمد لا يقول لكم شيئاً إلا قال : إن شاء الله ، ثم قام ، فقالوا : صبأ الوليد . يريدون أسلم الوليد . فقال ابن أخيه أبو جهل : أنا أكفيكم أمره ، فأتاه فقال : إن قريشاً تزعم أنك قد صبوت وهم يريدون : أن يجمعوا لك مالاً يكفيك مما تريد أن تأكل من فضول أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال : ويحك ! والله ما يَشبعون ، فكيف ألتمس فضولهم مع أني أكثر قريش مالا ؟ ولكني فكرت في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، وماذا نَرُد على العرب إذا سألتنا ، فقد عزمْت على أن أقول : ساحر . فهذا تفسير قولُه : { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } القول في محمد صلى الله عليه وسلم .