{ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } : يجوز أن يكون استئناف تعليل لقوله تعالى : { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } ، ويجوز أن يكون بدلاً من { إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً } .
يقال : فكر في الأمر ، وتفكر إذا نظر فيه وتدبر ، ثم لما تفكر رتب في قلبه كلاماً وهيأه ، وهو المراد من قوله «وقَدَّرَ » .
والعرب تقول : قدرت الشيء إذا هيأته .
معنى الآية : أن الوليد فكر في شأن النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن لما نزل :{ حم تَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز العليم غَافِرِ الذنب وَقَابِلِ التوب شَدِيدِ العقاب ذِي الطول لاَ إله إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ المصير } [ غافر : 1 - 3 ] ، سمعه الوليد يقرأها ، فقال : والله لقد سمعت منه كلاماً ما هو من كلام الإنس ، ولا من كلام الجنِّ ، وإنَّ له لحلاوة ، وإنَّ عليه لطلاوة ، وإنَّ أعلاه لمثمر ، وإنَّ أسفله لمغدق وإنه ليعلو ، وما يعلى عليه ، وما يقول هذا بشر ، فقالت قريش : صبأ الوليد لتصبونَّ قريش كلها ، وكان يقال للوليد : ريحانة قريش ، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه فانطلق إليه حزيناً ، فقال له : ما لي أراك حزيناً ، فقال : وما لي لا أحزن ، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينوك بها ، ويزعمون أنك زينت كلام محمدٍ ، وتدخل على ابن أبي كبشة ، وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامهما ، فغضب الوليدُ - لعنهُ الله - وتكبَّر ، وقال : أنا أحتاجُ إلى كسرِ محمدٍ وصاحبه ، وأنتم تعلمون قدر مالي ، واللاتِ والعُزَّى ما بي حاجةٌ إلى ذلك وأنتم تزعمُون أن محمداً مجنون ، فهل رأيتموه قط يخنق ؟ .
قالوا : لا والله ، قال : وتزعمون أنه كاهنٌ ، فهل رأيتموه تكهن قط ؟ ولقد رأينا للكهنةِ أسجاعاً وتخالجاً ، فهل رأيتموهُ كذلك ؟ .
قالوا : لا والله . وقال : تزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه نطق بشعر قط ؟ قالوا : لا والله .
قال : وتزعمون أنه كذَّاب ، فهل جريتمْ عليه كذباً قط ؟ .
قالوا : لا والله . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُسمَّى الصادق والأمين من كثرة صدقه ، فقالت قريش للوليدِ : فما هو ؟ ففكّر في نفسه ثم نظر ثم عبس ، فقال : ما هذا إلا سحرٌّ أما رأيتموه يفرق بين الرجل وولده فذلك قوله تعالى : { إِنَّهُ فَكَّرَ } أي في أمر محمدٍ والقرآن «وقدر » في نفسه ماذا يمكنهُ أن يقول فيهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.