الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (85)

قوله : { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ } : يجوزُ رفعُ " إيمانُهم " اسماً ل " كان " ، و " يَنْفَعُهم " جملةٌ خبراً مقدماً ، ويجوزُ أَنْ يرتفعَ بأنه فاعلُ " يَنْفَعُهم " ، وفي " كان " ضمير الشأن . وقد تقدَّم لك هذا مُحَقَّقاً عند قولِه : { مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ } [ الأعراف : 137 ] وأنه لا يكونُ من بابِ التنازع فعليك بالالتفاتِ إليه ، ودَخل حرفُ النفي على الكونِ لا على النفيِ ؛ لأنه بمعنًى لا يَصِحُّ ولا ينبغي ، كقوله : { مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ } [ مريم : 35 ] .

قوله : " سُنَّةَ اللَّهِ " يجوزُ انتصابُها على المصدرِ المؤكِّدِ لمضمونِ الجملةِ ، يعني : أنَّ الذي فَعَلَ اللَّهُ بهم سُنَّةٌ سابقةٌ من الله . ويجوزُ انتصابُها على التحذيرِ أي : احذروا سنةَ اللَّهِ في المكذِّبين التي قد خَلَتْ في عبادِه . و " هنالك " في الأصل مكان . قيل : واسْتُعير هنا للزمانِ ، ولا حاجةَ له ، فالمكانيَّةُ فيه ظاهرةٌ .