الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى ٱلۡإِبِلِ كَيۡفَ خُلِقَتۡ} (17)

قوله : { الإِبْلِ } : اسمُ جمعٍ واحدُه : بعير وناقة وجمل . وهو مؤنثٌ ، ولذلك تَدْخُلُ عليه تاءُ التأنيثِ حالَ تصغيرِه ، فيقال : أُبَيْلَة ويُجْمع آبال ، واشتقوا مِنْ لفظِه . فقالوا : " تأبَّلَ زيدٌ " ، أي : كَثُرَتْ إبلُه ، وتَعَجَّبوا مِنْ هذا فقالوا : " ما آبَلَه " ، أي : ما أكثرَ إبِلَه . وتقدَّم في الأنعام .

قوله : { كَيْفَ } منصوبٌ ب " خُلِقَتْ " على حَدِّ نَصْبِها في قوله : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ } [ البقرة : 28 ] والجملةُ بدلٌ من " الإِبل " بدلُ اشتمالِ ، فتكونُ في محلِّ جرّ ، وهي في الحقيقة مُعَلِّقةٌ للنظر ، وقد دخلَتْ " إلى " على " كيف " في قولهم " انظُرْ إلى كيف يصنعُ " ، وقد تُبْدَلُ الجملةُ المشتملةُ على استفهامٍ من اسمٍ ليس فيه استفهامٌ كقولِهم : عَرَفْتُ زيداً أبو مَنْ هو ؟ على خلافٍ في هذا مقررٍ في علمِ النحو .

وقرأ العامَّةُ : خُلِقَتْ ورفِعَتْ ونُصِبَتْ وسُطِحَتْ مبنياً للمفعولِ ، والتاءُ ساكنةٌ للتأنيث . وقرأ أمير المؤمنين وابن أبي عبلة وأبو حيوة " خَلَقْتُ " وما بعدَه بتاءِ المتكلم مبنياً للفاعل . والعامَّةُ على " سُطِحَتْ " مخففاً ، والحسن بتشديدها .