البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ ٱلۡقَالِينَ} (168)

القالي : المبغض ، قلى يقلي ويقلى ، ومجيئه على يفعل بفتح العين شاذ .

{ قال إني لعملكم } : أي للفاحشة التي أنتم تعملونها .

ولعملكم يتعلق إما بالقالين ، وإن كان فيه أل ، لأنه يسوغ في المجرورات والظروف ما لا يسوغ في غيرها ، لاتساع العرب في تقديمها ، حيث لا يتقدم غيرها ؛ وإما بمحذوف دل عليه القالين تقديره : إني قال لعملكم ؛ وإما أن تكون للتبيين ، أي لعملكم ، أعني من القالين .

وكونه بعض القالين يدل على أنه يبغض هذا الفعل ناس غيره هو بعضهم ، ونبه ذلك على أن هذا الفعل موجب للبغض حتى يبغضه الناس .

ومن القالين أبلغ من قال لما ذكرنا من أن الناس يبغضونه ، ولتضمنه أنه معدود ممن يبغضه .

ألا ترى إن قولك : زيد من العلماء ، أبلغ من : زيد عالم ، لأن في ذلك شهادة بأنه معدود في زمرتهم .

وقال أبو عبد الله الرازي : القلى : البغض الشديد ، كأنه بغض فقلي الفؤاد والكبد . انتهى .

ولا يكون قلى بمعنى أبغض .

وقلا من الطبخ ؛ والشيء من مادّة واحدة لاختلاف التركيب .

فمادة قلا من الشيّ من ذوات الواو ، وتقول : قلوت اللحم فهو مقلو .

ومادّة قلى من البغض من ذوات الياء ، قليت الرجل ، فهو مقلي .

قال الشاعر :

ولست بمقلي الخلال ولا قال . . .