سورة   الزمر
 
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأُمِرۡتُ لِأَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (12)

{ وأمرت } : أي أمرت بما أمرت ، لأكون أول من أسلم ، أي انقاد لله تعالى ، ويعني من أهل عصره أو من قومه ، لأنه أول من حالف عباد الأصنام ، أو أول من دعوتهم إلى الإسلام إسلاماً ، أو أول من دعا نفسه إلى ما دعا إليه غيره ، لأكون مقتدى بي قولاً وفعلاً ، لا كالملوك الذين يأمرون بما لا يفعلون ، أو أن أفعل ما أستحق به الأولية من أعمال السابقين دلالة على السبب بالمسبب .

وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف عطف أمرت على أمرت وهما واحد ؟ قلت : ليسا بواحد لاختلاف جهتيهما ، وذلك أن الأمر بالإخلاص وتكليفه شيء ، والأمر به لتحرز به قصب السبق في الدين شيء .

وإذا اختلف وجها الشيء وصفتاه ينزل بذلك منزلة شيئين مختلفين ، ولك أن تجعل اللام مزيدة مثلها في أردت ، لأن أفعل لا تزاد إلا مع أن خاصة دون الاسم الصريح ، كأنها زيدت عوضاً من ترك الأصل إلى ما يقوم مقامه ، كما عوض السين في اسطاع عوضاً من ترك الأصل الذي هو أطوع .

والدليل على هذا الوجه مجيئه بغير لام في قوله : { وأمرت أن أكون أول من أسلم } انتهى .

ويحتمل في أن أكون في ثلاثة المواضع أصله لأن أكون ، فيكون قد حذفت اللام ، والمأمور به محذوف ، وهو المصرح به هنا { إني أمرت أن أعبد الله } .