البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٌ عَظِيمٞ} (9)

{ وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم } لما ذكر تعالى أوامر ونواهي ذكر وعده من اتبع أوامره واجتنب نواهيه ، ووعد تتعدى لأنين ، والثاني محذوف تقديره : الجنة ، وقد صرح بها في غير هذا الموضع .

والجملة من قوله : لهم مغفرة ، مفسرة لذلك المحذوف تفسير السبب للمسبب ، لأن الجنة مترتبة على الغفران وحصول الأجر .

وإذا كانت الجملة مفسرة فلا موضع لها من الإعراب ، والكلام قبلها تامْ وجعل الزمخشري قوله : لهم مغفرة وأجر عظيم ، بياناً للوعد قال : كأنه قال : قدم لهم وعداً فقيل : أي شيء وعده ؟ فقال لهم : مغفرة وأجر عظيم .

أو يكون على إرادة القول وعدهم وقال لهم : مغفرة ، أو على إجراء وعد مجرى قال : لأنه ضرب من القول ، أو يجعل وعد واقعاً على الجملة التي هي مغفرة ، كما رفع تركنا على قوله : { سلام على نوح في العالمين } كأنه قيل : وعدهم هذا القول ، وإذا وعدهم مَن لا يخلف الميعاد فقد وعدهم مضمونه من المغفرة والأجر العظيم ، وهذا القول يتلقونه عند الموت ويوم القيامة ، فيسرون ويستريحون إليه ، وتهون عليهم السكرات والأهوال قبل الوصول إلى التراب انتهى .

وهي تقادير محتملة ، والأول أوجهها .