البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَمِيثَٰقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِۦٓ إِذۡ قُلۡتُمۡ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (7)

{ واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا } الخطاب للمؤمنين ، والنعمة هنا الإسلام ، وما صاروا إليه من اجتماع الكلمة والعزة .

والميثاق : هو ما أخذه الرسول عليهم في بيعة العقبة وبيعة الرضوان ، وكل موطن قاله : ابن عباس ، والسدي ، وجماعة .

وقال مجاهد : هو ما أخذ على النسم حين استخرجوا من ظهر آدم .

وقيل : هو الميثاق المأخوذ عليهم حين بايعهم على السمع والطاعة في حال اليسر والعسر ، والمنشط والمكره .

وقيل : الميثاق هو الدلائل التي نصبها لأعينهم وركبها في عقولهم ، والمعجزات التي أظهرها في أيامهم حتى سمعوا وأطاعوا .

وقيل : الميثاق إقرار كل مؤمن بما ائتمر به .

وروي عن ابن عباس : أنه الميثاق الذي أخذه الله على بني إسرائيل حين قالوا : آمنا بالتوراة وبكل ما فيها ، ومن جملته البشارة بالرسول صلى الله عليه وسلم ، فلزمهم الإقرار به .

ولا يتأتى هذا القول إلا أن يكون الخطاب لليهود ، وفيه بعد .

والقولان بعده يكون الميثاق فيهما مجاز ، والأجود حمله على ميثاق البيعة ، إذ هو حقيقة فيه ، وفي قوله : إذا قلتم سمعنا وأطعنا .

{ واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور } أي : واتقوا الله ولا تتناسوا نعمته ، ولا تنقضوا ميثاقه .

وتقدم شرح شبه هذه الجملة في النساء فأغنى عن إعادته .