البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ حَمُولَةٗ وَفَرۡشٗاۚ كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (142)

الحمولة : الإبل التي تحمل الأحمال على ظهورها قاله أبو الهيثم ، ولا يدخل فيها البغال ولا الحمير وأدخل بعضهم فيها البقر إذ من عادة بعض الناس الحمل عليها .

الفرش : الغنم .

وقال الزجاج : أجمع أهل اللغة على أن الفرش صغار الإبل وأنشد الشاعر :

أورثني حمولة وفرشاً *** أمشها في كل يوم مشا

وقال آخر :

وحوينا الفرش من أنعامكم *** والحمولات وربات الحجل

والفرش : مشترك بين صغار الإبل .

قال أبو زيد : ويحتمل إن سميت بالمصدر وهي المفروش من متاع البيت والزرع إذا فرش والفضاء الواسع واتساع خف البعير قليلاً والأرض الملساء ، عن أبي عمرو وفرش النعل وفراش الطائر ونبت يلتصق بالأرض .

قال الشاعر :

كمشفر الناب يلوك الفرشا *** ويأتي ذكر الاختلاف في الحمولة والفرش إن شاء الله .

{ ومن الأنعام حمولة وفرشاً } هذا معطوف على { جنات } أي وأنشأ { من الأنعام حمولة وفرشاً } وهل الحمولة ما قاله ابن عباس ما حمل عليه من الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير والفرش الغنم ؟ أو ما قاله أيضاً ما انتفع به من ظهورها والفرش الراعية ؟ أو ما قاله ابن مسعود والحسن ومجاهد وابن قتيبة : ما حمل من الإبل والفرش صغارها ؟ أو ما قاله الحسن أيضاً : الإبل والفرش الغنم ؟ أو ما قاله ابن زيد : ما يركب والفرش ما يؤكل لحمه ويجلب من الغنم والفصلان والعجاجيل ؟ أو ما قاله الماتريدي : مراكب النساء والفرش ما يكون للنساء أو ما قاله أيضاً : كل شيء من الحيوان وغيره يقال له فرش ؟ تقول العرب : أفرشه الله كذا أي جعله له أو ما قاله بعضهم : ما كان معدّاً للحمل من الحيوانات ، والفرش : ما خلق لهم من أصوافها وجلودها التي يفترشونها ويجلسون عليها ، أو ما يحمل الأثقال .

والفرش : ما يفرش للذبح أو ينسج من وبره وصوفه وشعره للفرش .

أو ما قاله الضحاك : واختاره النحاس الإبل والبقر والفرش الغنم ورجح هذا بإبدال ثمانية أزواج منه عشرة أقوال ، وقدّم الحمولة على الفرش لأنها أعظم في الانتفاع إذ ينتفع بها في الحمل والأكل .

{ كلوا مما رزقكم الله } أي مما أحله الله لكم ولا تحرموا كفعل الجاهلية وهذا نص في الإجابة وإزالة لما سنه الكفار من البحيرة والسائبة .

{ ولا تتبعوا خطوات الشيطان } أي في التحليل والتحريم من عند أنفسكم وتعلقت بها المعتزلة في أن الحرام ليس برزق وتقدّم تفسير { ولا تتبعوا } إلى آخره في البقرة .