قوله -تعالى- { حَمُولَةً وَفَرْشاً } مَنْصُوبان على أنَّهُما نُسِقَا على " جَنَّاتِ " أي : وأنشأ من الأنْعام حَمُولَة ، و " الأنْعَام " قيل : هي من الإبل خَاصَّة ، وقيل : الإبل والبَقَر والغَنَم .
وقيل : ما أحَلَّه الله -تعالى- من الحيوانِ ؛ قاله أحمد بن يَحْيَى{[15403]} ، قال القُرْطُبيُّ : وهذا أصَحُّهَا .
وقال القُرْطُبِي : فَعُولة بفتح الفَاءِ ، إذَا كانت بمعنى الفَاعِل اسْتَوى فيها المُذَكَّر والمؤنَّث ؛ نحو قولك : رَجُل فَرُوقَة للجَبَان والخَائِفِ ، ورجل صَرُورَة وامرأة صرورة إذا لم يَحُجَّا ؛ ولا جَمْع له فإذا كانت بِمَعْنَى المفعول ، فرق بين المُذَكَّر والمؤنَّث بالهاء ، كالحَلُوبة والرَّكُوبة ، والحَمُولة بضم الحاءِ : أحْمَال وأما الحُمُول : بالضَّمِّ بغير هاء فهي الإبل الَّتِي عليها الهَوَادِجُ كان فيها نِساءٌ أو لم يَكُنّ ؛ قاله أبو زَيْد{[15404]} .
والحَمُولة : ما أطاق الحمل عَلَيْه من الإبل ، والفَرْش : صِغَار هذا هو المشْهُور في اللُّغَة .
وقيل الحَمُولة : كبارُ الأنْعَام ، أعني : الإبل والبَقَر والغَنَم ، والفَرْشُ : صغارها قال : " ويدُلُ له أنَّهُ أبدل منه قوله بعد ذلك : " ثَمَانِيَة أزْوَاجٍ من الضَّأنِ " كما سيأتي لأنها دَانِية من الأرْض بسبب صغَر أجْرَامِها مثل الفَرْشِ وهي الأرْض المَفْرُوشُ عليها " .
وقال الزَّجَّاج{[15405]} : أجمع أهْل اللُّغَة على أنّ الفَرْشَ صِغَار الإبل ، وأنشد القَائِل : [ الزجر ]
أوْرَثَنِي حَمُولَةً وَفَرْشَا *** أمُشُّهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَشَّا{[15406]}
وَحَوَيْنَا الفَرْشَ مِنْ أنْعَامِكُمْ *** والحَمُولاتِ وَربَّاتِ الحِجَالْ{[15407]}
قال أبو زَيْد : " يحتمل أن يكون سُمِّيَتْ بالمَصْدَر ؛ لأن الفَرْشَ في الأصْل مصدر " والفَرْش لفظ مُشْتَرك بين مَعَانٍ كثيرة : منها ما تقدَّم ، ومنها : مَتَاع البَيْت والفَضَاء الوَاسِع ، واتِّسَاع خُفِّ البَعير قليلاً ، والأرْض الملساء ، عن أبي عَمْرو بن العَلاء ، ونباتٌ يلْتَصِق بالأرْضِ ، ومنه قول الشاعر : [ الزجر ]
كَمِشْفَرِ النَّابِ تلُوكُ الفَرْشَا{[15408]} *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقيل الحَمُولة : كل ما حُمِل عليه من إبل وبَقَر وبَغْل وحِمَار .
والفَرْشُ هنا : ما اتُّخِذَ من صُوفه ووبَرِه وشَعْرِه ما يُفْتَرشُ ، وأنشدوا للنَّابغة : [ الطويل ]
وَحَلَّتْ بُيُوتِي فِي يَفَاعٍ مُمَنَّعٍ *** تَخَالُ بِهِ راعِي الحَمُولَةِ طَائِرا{[15409]}
مَا رَاعَنِي إلاَّ حَمُولَةُ أهْلِهَا *** وَسْط الدِّيار تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ{[15410]}
قوله : { كُلُوا ممَّا رزَقُكم اللَّه } يريد : ما أحَلَّها لكم .
قالت المعتزلة{[15411]} : إنه -تبارك وتعالى- أمر بأكْل الرِّزْقِ ، ومنع من أكل الحَرامٍ ينتج أن الرِّزْق ليس بَحَرَام .
ثم قال - تعالى- : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشيطان } أي : التَّحلِيل والتَّحريم من عِنْد أنْفُسكُم ، كما فعله أهْل الجَاهِليَّة ، أي : لا تَسْلكُوا طرائق الشَّيْطَان وأبان " أنه لَكُم عَدُوٌّ مُبِينٌ " أي : بيِّن العداوة أخرج آدم من الجنَّة ، وقوله : { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً } [ الإسراء : 62 ] .
قال الزجاج : في خُطُوات الشَّيْطَانِ ثلاثة أوجُه : ضم الطاء{[15412]} ، وفتحها ، وإسكَانها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.