قوله تعالى : " ومن الأنعام حمولة وفرشا " عطف على ما تقدم{[6810]} . أي وأنشأ حمولة وفرشا من الأنعام . وللعلماء في الأنعام ثلاثة أقوال : أحدها : أن الأنعام الإبل خاصة ، وسيأتي في " النحل{[6811]} " بيانه . الثاني : أن الأنعام الإبل وحدها ، وإذا كان معها بقر وغنم فهي أنعام أيضا . الثالث : وهو أصحها قال أحمد بن يحيى : الأنعام كل ما أحله الله عز وجل من الحيوان . ويدل على صحة هذا قوله تعالى : " أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم{[6812]} " [ المائدة : 1 ] وقد تقدم . والحمولة ما أطاق الحمل والعمل ، عن ابن مسعود وغيره . ثم قيل : يختص اللفظ بالإبل . وقيل : كل ما احتمل عليه الحي من حمار أو بغل أو بعير ، عن أبي زيد ، سواء كانت عليه الأحمال أو لم تكن . قال عنترة :
ما راعني إلا حمولةُ أهلها *** وسْطَ الديار تَسُفُّ حَبَّ الحِمْحِم{[6813]}
وفعولة بفتح الفاء إذا كانت بمعنى الفاعل استوى فيها المؤنث والمذكر ، نحو قولك : رجل فروقة وامرأة فروقة للجبان والخائف . ورجل صرورة وامرأة صرورة إذا لم يحجا ، ولا جمع له . فإذا كانت بمعنى المفعول فرق بين المذكر والمؤنث بالهاء كالحلوبة والركوبة . والحمولة ( بضم الحاء ) : الأحمال . وأما الحمول ( بالضم بلا هاء ) فهي الإبل التي عليها الهوادج ، كان فيها نساء أو لم يكن ، عن أبي زيد . " وفرشا " قال الضحاك : الحمولة من الإبل والبقر . والفرش : الغنم . النحاس : واستشهد لصاحب هذا القول بقول : " ثمانية أزواج " قال : " فثمانية " بدل من قوله : " حمولة وفرشا " . وقال الحسن : الحمولة الإبل . والفرش : الغنم . وقال ابن عباس : الحمولة كل ما حمل من الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير . والفرش : الغنم . وقال ابن زيد : الحمولة ما يركب ، والفرش ما يؤكل لحمه ومحلب ، مثل الغنم والفصلان والعجاجيل ، سميت فرشا للطافة أجسامها وقربها من الفرش ، وهي الأرض المستوية التي يتوطؤها الناس . قال الراجز :
أورثني حمولةً وفرشَا *** أَمُشُّهَا في كل يومٍ مَشَا{[6814]}
وحوينا الفَرْشَ من أنعامكم *** والحمولات وربَّاتِ الحَجَل
قال الأصمعي : لم أسمع له بجمع . قال : ويحتمل أن يكون مصدرا سمي به ، من قولهم : فرشها الله فرشا ، أي بثها بثا . والفرش : المفروش من متاع البيت . والفرش : الزرع إذا فرش . والفرش : الفضاء الواسع . والفرش في رجل البعير : اتساع قليل ، وهو محمود . وافترش الشيء انبسط ، فهو لفظ مشترك . وقد يرجع قوله تعالى : " وفرشا " إلى هذا . قال النحاس : ومن أحسن ما قيل فيهما أن الحمولة المسخرة المذللة للحمل . والفرش ما خلقه الله عز وجل من الجلود والصوف مما يجلس ويتمهد . وباقي الآية قد تقدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.