البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَقَدۡ جِئۡنَٰهُم بِكِتَٰبٖ فَصَّلۡنَٰهُ عَلَىٰ عِلۡمٍ هُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (52)

{ ولقد جئناهم بكتاب فصّلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون } الضمير في { ولقد جئناهم } عائد على من تقدم ذكره ويكون الكتاب على هذا جنساً أي { بكتاب } إلهي إذ الضمير عام في الكفار ، وقال يحيى بن سلام الضمير لمكذبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو ابتداء كلام وتمّ الكلام عند قوله { يجحدون } والكتاب هو القرآن و { فصلناه } عالمين كيفية تفصيله من أحكام ومواعظ وقصص وسائر معانيه ، وقيل : { فصّلناه } بإيضاح الحق من الباطل ، وقيل : نزلناه في فصول مختلفة .

وقرأ ابن محيصن والجحدري فضلناه بالضاد المنقوطة والمعنى فضلناه على جميع الكتب عالمين بأنه أهل للتفضيل عليها وفي التحرير أنه فضل على سائر الكتب المنزلة بثلاثين خصلة لم تكن في غيره و { فصّلناه } صفة لكتاب وعلى علم الظاهر أنه حال من فاعل { فَصَّلْنَاهُ } وقيل التقدير مشتملاً على علم فيكون حالاً من المفعول وانتصب { هدى ورحمة } على الحال ، وقيل مفعول من أجله ، وقرىء بالرفع أي هو { هدى ورحمة } ، وقرأ زيد بن عليّ هدى ورحمة بالخفض على البدل من كتاب أو النعت وعلى النعت لكتاب خرّجه الكسائي والفرّاء رحمهما الله .