الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَقَدۡ جِئۡنَٰهُم بِكِتَٰبٖ فَصَّلۡنَٰهُ عَلَىٰ عِلۡمٍ هُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (52)

والضمير في : { جِئْنَاهُمْ } : عائدٌ على مَنْ تقدَّم من الكفرة ، والمراد ب " كتاب " الجنس . وقيل : يعودُ على مَنْ عاصر النبي عليه الصلاة والسلام . والمراد بالكتاب القرآن . والباء في " بكتاب " للتعدية فقط . وقوله : " فَصَّلناه " صفةٌ ل " كتاب " ، والمرادُ بتفصيله إيضاحُ الحقِّ من الباطل ، أو تنزيله في فصولٍ مختلفةٍ كقوله : { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ } [ الإِسراء : 106 ] . وقرأ الجحدري وابن محيصن بالضاد المعجمة أي : فضَّلْناه على غيرِه من الكتب السماوية . وقوله : " على عِلْم " حال : إمَّا من الفاعل أي : فَصَّلْناه عالمين بتفصيله ، وإمَّا من المفعول أي : فصَّلْناه مشتملاً على علم . ونَكَّر " علم " تعظيماً .

وقوله : { هُدًى وَرَحْمَةً } الجمهورُ على النصب ، وفيه وجهان ، أحدهما : أنه مفعول من أجله أي : فصَّلناه لأجل الهداية والرحمة . والثاني : أنه حال : إمَّا من كتاب ، وجاز ذلك لتخصصه بالوصف ، وإمَّا من مفعول " فصَّلناه " . وقرأ زيد بن علي " هدىً ورحمةٍ " بالجر ، وخرَّجه الكسائي والفراء على النعت ل " كتاب " ، وفيه المذاهب المشهورة في نحو " [ مررت ] برجل عدل " ، وخرَّجه غيرهما على البدل منه . وقرأته فرقة " هدىً ورحمةٌ " بالرفع على إضمار المبتدأ . وقال مكي : " وأجاز الفراء والكسائي " هدى ورحمة " بالخفض ، يجعلانه بدلاً من " علم " ، ويجوز هدى ورحمة على تقدير : هو هدى ورحمة " وكأنه لم يَطَّلع على أنهما قراءتان مَرْوِيَّتان حتى نسبهما على طريق الجواز . و " لقومٍ " صفة لرحمة وما عُطِفت عليه .