تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَآ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٞ مَّعۡلُومٞ} (4)

يقول تعالى : إنه ما أهلك قرية إلا بعد قيام الحجة عليها وانتهاء أجلها ، وإنه لا يؤخر أمة حان هلاكها{[16092]} عن ميقاتها ولا يتقدمون عن مدتهم . وهذا تنبيه لأهل مكة ، وإرشاد لهم إلى الإقلاع عما

هم فيه من الشرك والعناد والإلحاد ، الذي يستحقون به الهلاك .


[16092]:في ت: "هلاكهم".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَآ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٞ مَّعۡلُومٞ} (4)

{ وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم } أجل مقدر كتب في اللوح المحفوظ ، والمستثنى جملة واقعة صفة لقرية ، والأصل أن لا يدخلها الواو كقوله : { إلا لها منذرون } ولكن لما شابهت صورتها الحال أدخلت تأكيدا للصوقها بالموصوف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَآ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٞ مَّعۡلُومٞ} (4)

اعتراض تذييلي لأن في هذه الجملة حكماً يشملهم وهو حكم إمهال الأمم التي حق عليها الهلاك ، أي ما أهلكنا أمّة إلا وقد متّعناها زمناً وكان لهلاكها أجل ووقت محدود ، فهي ممتعة قبل حلوله ، وهي مأخوذة عند إبانه .

وهذا تعريض لتهديد ووعيد مؤيدٌ بتنظيرهم بالمكذبين السالفين .

وإنما ذكر حال القرى التي أهلكت من قبلُ لتذكير هؤلاء بسنّة الله في إمهال الظالمين لئلا يغرّهم ما هم فيه من التمتع فيحسبوا أنهم أفلتوا من الوعيد . وهذا تهديد لا يقتضي أن المشركين قدر الله أجلاً لهلاكهم ، فإن الله لم يستأصلهم ولكن هدى كثيراً منهم إلى الإسلام بالسيف وأهلك سادتهم يوم بدر .

والقَرْية : المدينة . وتقدمت عند قوله تعالى : { أو كالذي مرّ على قرية } في سورة البقرة ( 259 ) .

والكتاب : القَدَر المحدود عند الله . شبّه بالكتاب في أنه لا يقبل الزيادة والنقص . وهو معلوم عند الله ، لا يضلّ ربي ولا ينسى .

وجملة { ولها كتاب معلوم } في موضع الحال ، وكفاك علماً على ذلك اقترانها بالواو فهي استثناء من عموم أحوال ، وصاحب الحال هو { قرية } وهو وإن كان نكرة فإن وقوعها في سياق النفي سوّغ مجيء الحال منه كما سوّغ العموم صحة الإخبار عن النكرة .