تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ} (38)

يقول تعالى مخبرًا عن عدله وتنزيهه نفسه عن اللعب والعبث والباطل ، كقوله : { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ } [ ص : 27 ] ، وقال { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } [ المؤمنون : 115 ، 116 ] .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ} (38)

{ وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما } وما بين الجنسين وقرئ " وما بينهن " { لاعبين } لاهين ، وهو دليل على صحة الحشر كما مر في الأنبياء وغيرها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ} (38)

عطف على جملة { إن هؤلاء ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى } [ الدخان : 34 ، 35 ] ردّاً عليهم كما علمته آنفاً . والمعنى : أنه لو لم يكن بعثٌ وجزاءٌ لكان خلق السماوات والأرض وما بينهما عبثاً ، ونحن خلقنا ذلك كله بالحق ، أي بالحكمة كما دل عليه إتقان نظام الموجودات ، فلا جرم اقتضى خلق ذلك أن يجازَى كل فاعل على فعله وأن لا يضاع ذلك ، ولما كان المشاهد أن كثيراً من النّاس يقضي حياته ولا يرى لنفسه جزاء على أعماله تعيّن أن الله أخّر جزاءهم إلى حياة أخرى وإلا لكان خلقهم في بعض أحواله من قبيل اللعب .

وذكر اللعب توبيخ للذين أحالوا البعث والجزاء بأنهم اعتقدوا ما يفضي بهم إلى جعل أفعال الحكيم لعباً ، وقد تقدم وجه الملازمة عند تفسير قوله تعالى : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا تُرجعون } في سورة المؤمنون ( 115 ) وعند قوله تعالى : { وما خلقنا السماء والأرض وَما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا } في سورة ص ( 27 ) .

و{ لاعبين } حال من ضمير { خلقنا } ، والنفي متوجه إلى هذا الحال فاقتضى نفي أن يكون شيء من خلق ذلك في حالة عبث فمن ذلك حالة إهمال الجزاء .