نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ} (38)

ولما كان التقدير للاستدلال على الجزاء الذي جامعه التكفل بجميع أنحائه{[57607]} يوم القيامة : فإنا ما خلقنا الناس عبثاً يبغي بعضهم على بعض ثم لا يؤاخذون{[57608]} ، عطف عليه ما هو أكبر في الظاهر منه فقال : { وما خلقنا السماوات } أي على عظمها{[57609]} واتساع كل واحدة منها واحتوائها لما تحتها ، وجمعها{[57610]} لأن العمل كلما زاد كان أبعد من العبث{[57611]} مع أن إدراك تعددها مما يقتضي{[57612]} المشاهدة بما فيها من الكواكب ، ووحد في سورة الأنبياء تخصيصاً بما يتحقق المكذبون بالبعث رؤيته لما ذكر هناك{[57613]} من اختصاص " لدن " بما بطن .

ولما كان الدليل على تطابق الأراضي دقيقاً{[57614]} وحدها فقال{[57615]} : { والأرض } أي على ما فيها من المنافع { وما بينهما } أي النوعين وبين كل واحدة منها [ وما-{[57616]} ] يليها { لاعبين * } أي على ما لنا من العظمة {[57617]}التي يدرك من{[57618]} له أدنى عقل تعاليها عن اللعب لأنه لا يفعله إلا ناقص ، ولو{[57619]} تركنا الناس يبغي بعضهم على بعض كما تشاهدون ثم لا نأخذ لضعيفهم بحقه من قويهم لكان خلقنا لهم لعباً ، بل اللعب أخف [ منه-{[57620]} ] ، ولم نكن على ذلك التقدير مستحقين لصفة القدوسية ، فإنه " لا قدست أمة لا يؤخذ لضعيفها بالحق من قويها غير متعتع{[57621]} - رواه ابن ماجة عن أبي سعيد وابن جميع في معجمه عن جابر ، وصاحب الفردوس عن أبي موسى رضي الله عنهم رفعوه ، وهو شيء لا يرضى به لنفسه أقل حكام{[57622]} الدنيا ، فكان هذا برهاناً قاطعاً على صحة الحشر ليظهر هناك الفصل بالعدل والفضل .


[57607]:من ظ وم، وفي الأصل: انحاله-كذا.
[57608]:من ظ وم، وفي الأصل: لا يواخذا-كذا.
[57609]:من م، وفي الأصل و ظ: عظمتها.
[57610]:من م، وفي الأصل و ظ: جميعها.
[57611]:من م، وفي الأصل و ظ: البعث.
[57612]:زيد في م: به.
[57613]:من م، وفي الأصل و ظ: هنا.
[57614]:من ظ و م، وفي الأصل: حد هناك.
[57615]:من ظ و م، وفي الأصل: حد هناك.
[57616]:زيد من م.
[57617]:من م، وفي الأصل و ظ: الذي نز-كذا.
[57618]:من م، وفي الأصل و ظ: الذي نز-كذا.
[57619]:من ظ و م، وفي الأصل: لما.
[57620]:زيد من مد.
[57621]:من م وسنن ابن ماجه ص:177، وفي الأصل و ظ: متقنع.
[57622]:من م، وفي الأصل و ظ: أحكام.