تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ} (38)

الآية 38 وقوله تعالى : { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين } وقال في آية أخرى : { وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا } [ ص : 27 ] إن الكفرة كانوا لا يُطلقون القول ، فلا يقولون : إن الله تعالى خلقهما ، وخلق ما بينهما باطلا ولعبا لكن خلق ذلك كله على فُتْياهم وظنّهم وعلى [ ما ]{[19128]} عندهم يصير عبَثا باطلا لأنهم كانوا ينكرون البعث ، ويقولون : أن لا بعث ، ولا حساب ، ولا ثواب ، ولا عقاب .

فإذا كان فُتياهم وظنهم أن لا بعث ولا نشور يكون خلقهم وخلق السماء والأرض وما ذكر باطلا لعبا لأن المقصود بخلق ما ذكر على زعمهم لم يكن إلا الإفناء والإهلاك . ومن لم يقصد في بنائه إلا النقض في الشاهد والإفناء في العاقبة كان في بنائه وقصده سفيها غير حكيم .

فعلى ذلك الله سبحانه وتعالى في خلقه إياهم وإنشائه لهم وتحويله إياهم من حال إلى حال أخرى من حال النطفة إلى حال العلقة إلى حال المُضغة إلى حال تصوير الإنسان ثم إلى [ حال ]{[19129]} الكِبرِ . لو لم يكن ما ذكرنا من المقصود سوى الإفناء والإهلاك على ما زعموا كان سَفها باطلا غير حكمة لما ذكرنا من قصْد من قَصَد في البناء الإفناء خاصة لا غير كان في فعله وقصده لاعبا عابثا سفيها .

ولذلك سفّه الله تعالى تلك المرأة التي لم يكن قصدها في غزلها إلا نقضه في العاقبة حين{[19130]} قال : { ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا } الآية [ النحل : 92 ] .

فعلى ذلك خلق الخَلْق إذ لم يكن بعث ولا نشور على ما قال أولئك الكفرة ، وظنّوا ، كان كذلك سَفَها غير حكمة . ولذلك قال : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا تُرجعون } [ المؤمنون : 115 ] جعل خَلقه إياهم [ لا ]{[19131]} للرجوع إليه /504-ب/ عبثا ، والله الموفّق .


[19128]:من م، ساقطة من الأصل.
[19129]:من م، ساقطة من الأصل.
[19130]:في الأصل وم: حيث.
[19131]:ساقطة من الأصل وم.