السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ} (38)

ولما أنكر تعالى على كفار مكة قولهم ، ووصفهم بأنهم أضعف ممن كان قبلهم ، ذكر الدليل القاطع على صحة القول بالبعث والقيامة فقال تعالى : { وما خلقنا السماوات } أي : على عظمها واتساع كل واحدة منها واحتوائها لما تحتها وجمعها لأن العمل كلما زاد كان أبعد عن العبث .

ولما كان الدليل على تطابق الأرض دليلاً دقيقاً وحدها بقوله تعالى : { والأرض } أي : على ما فيها من المنافع { وما بينهما } أي : النوعين وبين كل واحدة منهما وما يليها { لاعبين } أي : على ما لنا من العظمة التي يدرك من له أدنى عقل تعاليها عن اللعب لأنه لا يفعله إلا ناقص ، ولو تركنا الناس يبغي بعضهم على بعض كما تشاهدون ثم لا نأخذ لضعيفهم بحقه من قويهم لكان خلقنا لهم لعباً بل اللعب أخف منه ، ولم نكن على ذلك التقدير مستحقين للصفة القدسية وقد تقدم تقرير هذا الدليل في أول سورة يونس وفي آخر سورة المؤمنين عند قوله تعالى : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً } ( المؤمنون : 115 ) وفي ص عند قوله تعالى { وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً } ( ص : 28 ) .