تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَوۡ يُصۡبِحَ مَآؤُهَا غَوۡرٗا فَلَن تَسۡتَطِيعَ لَهُۥ طَلَبٗا} (41)

وقوله : { أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا } أي : غائرًا في الأرض ، وهو ضد النابع الذي يطلب وجه الأرض ، فالغائر يطلب أسفلها{[18189]} كما قال تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ } [ الملك : 30 ] أي : جار وسائج . وقال هاهنا : { أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا } والغور : مصدر بمعنى غائر ، وهو أبلغ منه ، كما قال الشاعر{[18190]} :

تَظَلّ جيّادُهُ نَوْحًا عَلَيه *** تُقَلّدُهُ أعنَّتَها صُفُوفا

بمعنى نائحات عليه .


[18189]:في ت، ف: "أسفل".
[18190]:البيت في تفسير الطبري (15/163) غير منسوب.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَوۡ يُصۡبِحَ مَآؤُهَا غَوۡرٗا فَلَن تَسۡتَطِيعَ لَهُۥ طَلَبٗا} (41)

وقوله : أوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْرا يقول : أو يصبح ماؤها غائرا فوضع الغور وهو مصدر مكان الغائر ، كما قال الشاعر :

تَظَلّ جِيادُهُ نَوْحا عَلَيْهِ *** مُقَلّدَةً أعِنّتَها صُفُونا

بمعنى نائحة وكما قال الاَخر :

هَرِيقي مِنْ دُمُوعِهِما سَجامَا *** ضُباعَ وجَاوِبي نَوْحا قِيامَا

والعرب توحد الغَور مع الجمع والاثنين ، وتذكر مع المذكر والمؤنث ، تقول : ماء غور ، وماءان غَوْر ومياه غَور . ويعني بقوله : غَوْرا ذاهبا قد غار في الأرض ، فذهب فلا تلحقه الرّشاء ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْرا أي ذاهبا قد غار في الأرض .

وقوله : فَلنْ تَسْتَطيعَ لَهُ طَلَبا يقول : فلن تطيق أن تدرك الماء الذي كان في جنتك بعد غَوْره ، بطلبك إياه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَوۡ يُصۡبِحَ مَآؤُهَا غَوۡرٗا فَلَن تَسۡتَطِيعَ لَهُۥ طَلَبٗا} (41)

و «الغور » مصدر يوصف به الماء المفرد والمياه الكثيرة ، كقولك رجل عدلٍ وامرأة عدل ونحوه ، ومعناه ذاهباً في الأرض لا يستطاع تناوله وقرأت فرقة «غَوراً » ، وقرأ فرقة «غُوراً » ، بضم الغين ، وقرأت فرقة «غُؤراً » ، بضم الغين وهمز الواو ، و «غور » مثل نوح ، يوصف به الواحد والجمع المذكر والمؤنث ، ومنه قول الشاعر : [ الوافر ]

تظل جيادها نوحاً عليه . . . مقلدة أعنتها صفونا{[7810]}

وهذا كثير ، وباقي الآية بين .


[7810]:البيت لعمرو بن كلثوم من معلقته المشهورة، والرواية في شرح الأنباري والتبريزي والزوزني: (تركنا الخيل عاكفة عليه مقلدة...)، وكذلك أجمعت كل المصادرعلى رواية: (تظل جياده) بخلاف ما هو ثابت هنا، والضمير يعود على السيد الذي قتلوه وأبو الخضوع له في قوله قبل هذا البيت: وسيد معشر قد توجــــــوه بتاج الملك يحمي المحجرينا والصفون: جمع صافن، يقال: صفن الفرس صفونا: إذا قام على ثلاث، وثنى سنبكه الرابع، والشاهد أن (نوحا) هنا جاءت وصفا للجمع، والمعنى: نائحات عليه، قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: "والعرب قد تصف الفاعل بمصدره، وكذلك الاثنين والجمع، على لفظ المصدر، قال عمرو بن كلثوم: تظل جياده نوحا عليه... البيت".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَوۡ يُصۡبِحَ مَآؤُهَا غَوۡرٗا فَلَن تَسۡتَطِيعَ لَهُۥ طَلَبٗا} (41)

الغَور : مصدر غار الماء ، إذا ساخ الماء في الأرض . ووصفه بالمصدر للمبالغة ، ولذلك فرع عليه { فلن تستطيع له طلباً } . وجاء بحرف توكيد النفي زيادة في التحقيق لهذا الرجاء الصادر مصدر الدعاء .