تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا} (4)

وقوله : { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } أي : تحدث بما عمل العاملون على ظهرها .

قال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم ، حدثنا ابن المبارك - وقال الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي ، واللفظ له : حدثنا سُوَيد بن نصر ، أخبرنا عبد الله - هو ابن المبارك - عن سعيد بن أبي أيوب ، عن يحيى بن أبي سليمان ، عن سعيد المقْبُرِي ، عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } قال : " أتدرون ما أخبارها ؟ " . قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عَمِل على ظهرها ، أن تقول : عمل كذا وكذا ، يوم كذا وكذا ، فهذه أخبارها " {[30386]} .

ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب .

وفي معجم الطبراني من حديث ابن لَهِيعة : حدثني الحارث بن يزيد - سمع ربيعة الجُرَشي - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تحفظوا من الأرض ، فإنها أمكم ، وإنه ليس من أحد عامل عليها خيرًا أو شرًّا ، إلا وهي مُخبرة " {[30387]} .


[30386]:- (1) المسند (2/374) وسنن الترمذي برقم (3353) وسنن النسائي الكبرى برقم (11693).
[30387]:- (2) المعجم الكبير (5/65) وقال الهيثمي في المجمع (1/241): "وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا} (4)

{ يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أخْبارَها } يقول : يومئذٍ تحدّث الأرض أخبارها . وتحديثها أخبارها ، على القول الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود ، أن تتكلم فتقول : إن الله أمرني بهذا ، وأوحى إليّ به ، وأذِن لي فيه .

وأما سعيد بن جُبير ، فإنه كان يقول في ذلك ما :

حدثنا به أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن إسماعيل بن عبد الملك ، قال : سمعت سعيد بن جُبير يقرأ في المغرب مرّة : «يَوْمَئِذٍ تُنَبّىءُ أخْبارَها » ومرة : تُحَدّثُ أخْبارَها .

فكأنّ معنى تحدّث كان عند سعيد : تُنَبىء ، وتنبيئها أخبارَها : إخراجها أثقالها من بطنها إلى ظهرها . وهذا القول قول عندي صحيح المعنى ، وتأويل الكلام على هذا المعنى : يومئذٍ تبّين الأرض أخبارها بالزلزلة والرّجّة ، وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها ، بوحي الله إليها ، وإذنه لها بذلك ، وذلك معنى قوله : { بأنّ رَبّكَ أوْحَى لَهَا } . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { وَأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقالَهَا بأنّ رَبّكَ أوْحَى لَهَا } قال : أمرها ، فألقَت ما فيها وتخلّت .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { بأنّ رَبّكَ أوْحَى لَهَا } قال : أمرها .

وقد ذُكر عن عبد الله أنه كان يقرأ ذلك : «يَوْمَئِذٍ تُنْبّىءُ أخْبارَها » وقيل : معنى ذلك أن الأرض تحدّث أخبارها مَنْ كان على ظهرها من أهل الطاعة والمعاصي ، وما عملوا عليها من خير أو شرّ . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان { يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أخْبارَها } قال : ما عمل عليها من خير أو شرّ ، { بأن ربك أوحى لها } ، قال : أعلمها ذلك .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أخبْارَها } قال : ما كان فيها ، وعلى ظهرها من أعمال العباد .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أخْبارَها } قال : تخبر الناس بما عملوا عليها .

وقيل : عُنِي بقوله : { أوْحَى لَهَا } : أوحى إليها . ذكر من قال ذلك :

حدثني ابن سنان القزّاز ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن شبيب ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس { أوْحَى لَهَا } قال : أوحى إليها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا} (4)

{ يومئذ تحدث } تحدث الخلق بلسان الحال أخبارها ما لأجله زلزالها وإخراجها ، وقيل : ينطقها الله سبحانه وتعالى فتخبر بما عمل عليها ، ويومئذ بدل من إذا ، وناصبهما تحدث ، أو أصل وإذا منتصب بمضمر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا} (4)

وجملة : { يومئذ تحدث أخبارها } الخ جواب { إذا } باعتبار ما أبدل منها من قوله : { يومئذ يصدر الناس } فيومئذ بدل من { يومئذ تحدث أخبارها } .

واليوم يطلق على النهار مع ليلهِ فيكون الزلزال نهاراً وتتبَعه حوادث في الليل مع انكدار النجوم وانتثارها وقد يراد باليوم مطلق الزمان .

و{ تحدث أخبارها } هو العامل في { يومئذ } وفي البدل ، والتقدير يوم إذْ تزلْزلُ الأرض وتُخرج أثقالها ويقول الناس : ما لَهَا تحدّث أخبارها الخ .

و{ أخبارها } مفعول ثاننٍ لفعل { تحدث } لأنه مما ألحق بظن لإِفادة الخَبَر عِلماً ، وحذف مفعوله الأول لظهوره ، أي تحدث الإِنسان لأن الغرض من الكلام هو إخبارها لما فيه من التهويل .

وضمير { تحدث } عائد إلى { الأرض } .

والتحديث حقيقته : أن يصدر كلام بخبر عن حَدث . وورد في حديث الترمذي عن أبي هريرة قال : « قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { يومئذ تحدث أخبارها } قال : أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها تقول : عَمل كذا وكذا فهذه أخبارها » اه .

وجُمع { أخبارها } باعتبار تعدد دلالتها على عدد القائلين { ما لها } وإنما هو خبر واحد وهو المبيَّن بقوله : { بأن ربك أوحى لها } .

وانتصب { أخبارها } على نزع الخافض وهو باء تعدية فعل { تحدث } .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا} (4)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

تخبِر الأرض بما عمل عليها من خير أو شر.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

{ يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أخْبارَها } يقول : يومئذٍ تحدّث الأرض أخبارها . وتحديثها أخبارها ، على القول الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود ، أن تتكلم فتقول : إن الله أمرني بهذا ، وأوحى إليّ به ، وأذِن لي فيه ...

عن إسماعيل بن عبد الملك ، قال : سمعت سعيد بن جُبير يقرأ في المغرب مرّة : «يَوْمَئِذٍ تُنَبّئ أخْبارَها » ومرة : "تُحَدّثُ أخْبارَها" ، فكأنّ معنى تحدّث كان عند سعيد : تُنَبئ ، وتنبيئها أخبارَها : إخراجها أثقالها من بطنها إلى ظهرها . وهذا القول قول عندي صحيح المعنى ، وتأويل الكلام على هذا المعنى : يومئذٍ تبّين الأرض أخبارها بالزلزلة والرّجّة ، وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها ، بوحي الله إليها ، وإذنه لها بذلك ، وذلك معنى قوله : { بأنّ رَبّكَ أوْحَى لَهَا } ...

وقد ذُكر عن عبد الله أنه كان يقرأ ذلك : «يَوْمَئِذٍ تُنْبّئ أخْبارَها » وقيل : معنى ذلك أن الأرض تحدّث أخبارها مَنْ كان على ظهرها من أهل الطاعة والمعاصي ، وما عملوا عليها من خير أو شرّ ...

وقيل : عُنِي بقوله : { أوْحَى لَهَا } : أوحى إليها .

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

قيل : معناه يظهر بالدليل الذي يجعله الله فيها ما يقوم مقام إخبارها بأن أمر الدنيا قد انقضى ، وأمر الآخرة قد أتى ، وأنه لابد من الجزاء ، وأن الفوز لمن اتقى ، وأن النار لمن عصى ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت : ما معنى تحديث الأرض والإيحاء لها ؟ قلت : هو مجاز عن إحداث الله تعالى فيها من الأحوال ما يقوم مقام التحديث باللسان ، حتى ينظر من يقول { ما لها } إلى تلك الأحوال ، فيعلم لم زلزلت ، ولم لفظت الأموات ؟ وأنّ هذا ما كانت الأنبياء ينذرونه ويحذرون منه . وقيل : ينطقها الله على الحقيقة . وتخبر بما عمل عليها من خير وشرّ . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تشهد على كل أحد بما عمل على ظهرها " ....

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :

وقوله : { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا 4 } ، التحديث هنا صريح في الحديث وهو على حقيقته ، لأن في ذلك اليوم تتغير أوضاع كل شيء ، وتظهر حقائق كل شيء ، وكما أنطق الله الجلود ينطق الأرض ، فتحدث بأخبارها ....