اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا} (4)

قوله : { يَوْمَئِذٍ } ، أي : يوم إذا زلزلت ، والعامل في «يَومَئذٍ » : «تُحدِّثُ » إن جعلت «إذَا » منصوبة بما بعدها ، [ أو بمحذوف ، وإن جعلت العامل فيها «تحدّث » كان «يومئذ » بدلاً منها فالعامل فيه ]{[60639]} العامل فيها ، أو شيء آخر ، لأنه على تكرير العاملِ ، وهو خلاف مشهور .

فصل في معنى الآية

معنى «تحدث أخبارها » ، أي : تخبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شر يومئذ .

ثم قيل : هو من قول الله تعالى .

وقيل : من قول الإنسان ، أي : يقول الإنسان «مَا لَهَا » «تُحدِّثُ أخْبارهَا » متعجباً .

روى الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } قال : " أتدْرُونَ ما أخْبارُهَا " ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : " فإنَّ أخبارها أن تشْهَدَ على كُلِّ عبدٍ أو أمةٍ بما عمل على ظهرهَا تقُول : عملَ يَوْمَ كَذَا ، كَذَا وكَذَا ، قال : «فهَذهِ أخْبارُهَا » " {[60640]} .

قال الماورديُّ : قوله تعالى : { تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن تحدث أخبارها بأعمال العباد على ظهرها ، قاله أبو هريرة - رضي الله عنه - ورواه مرفوعاً ، وهو قول من زعم أنها زلزلة القيامة .

الثاني : قال يحيى بن سلام : { تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } بما أخرجت من أثقالها ، وهو قول من زعم أنها زلزلة أشراط الساعة .

الثالث : قال ابن مسعود : أنها تحدث بقيام الساعة ، إذا قال الإنسان : ما لها ؟ فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى ، وأمر الآخرةِ قد أتى ، فيكونُ ذلك منها جواباً لهم عند سؤالهم ، ووعيداً للكافر ، وإنذاراً للمؤمن .

وفي حديثها بأخبارها ثلاثةُ أقاويل :

أحدها : أن الله تعالى يقلبها حيواناً ناطقاً ، فتتكلم بذلك .

الثاني : أن الله يحدث فيها الكلام .

الثالث : أنه يكون منها بيان يقوم مقام الكلام .

قال الطبريُّ{[60641]} : تبين أخبارها بالرَّجَّة{[60642]} ، والزلزلة ، وإخراج الموتى .


[60639]:سقط من: أ.
[60640]:أخرجه الترمذي (5/416)، رقم (3353)، والحاكم (2/533)، وأحمد (2/374)، والنسائي في "الكبرى" (6/520)، والطبري في "تفسيره" (12/661) من حديث أبي هريرة وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/645) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في "الشعب".
[60641]:هو الحديث السابق.
[60642]:جامع البيان 12/660.