الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا} (4)

قوله تعالى : { يومئذ تحدث أخبارها } " يومئذ " منصوب بقوله : { إذا زلزلت } . وقيل : بقوله { تحدث أخبارها } ، أي تخبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شر يومئذ . ثم قيل : هو من قول اللّه تعالى . وقيل : من قول الإنسان ، أي يقول الإنسان : ما لها تحدث أخبارها ، متعجبا . وفي الترمذي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية{ يومئذ تحدث أخبارها } قال : " أتدرون ما أخبارها ؟ " قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : " فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ، تقول عمل يوم كذا ، كذا وكذا " . قال : " فهذه أخبارها " . قال : هذا حديث حسن صحيح . قال الماوردي : قوله { يومئذ تحدث أخبارها } :

فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : { تحدث أخبارها } بأعمال العباد على ظهرها ، قاله أبو هريرة ، ورواه مرفوعا . وهو قول من زعم أنها زلزلة القيامة .

الثاني : تحدث أخبارها بما أخرجت من أثقالها ، قاله يحيى بن سلام . وهو قول من زعم أنها زلزلة أشراط الساعة .

قلت : وفي هذا المعنى حديث رواه ابن مسعود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أنه قال : " إذا كان أجل العبد بأرض أوثبته الحاجة إليها ، حتى إذا بلغ أقصى أثره قبضه اللّه ، فتقول الأرض يوم القيامة : رب هذا ما استودعتني " . أخرجه ابن ماجه في سننه . وقد تقدم{[16273]} .

الثالث : أنها تحدث بقيام الساعة إذا قال الإنسان ما لها ؟ قاله ابن مسعود . فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى ، وأمر الآخرة قد أتى ، فيكون ذلك منها جوابا لهم عند سؤالهم ، ووعيدا للكافر ، وإنذارا للمؤمن .

وفي حديثها بأخبارها ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن اللّه تعالى يقلبها حيوانا ناطقا ، فتتكلم بذلك .

الثاني : أن اللّه تعالى يحدث فيها الكلام .

الثالث : أنه يكون منها بيان يقوم مقام الكلام .

قال الطبري : تبين أخبارها بالرجة والزلزلة وإخراج الموتى .


[16273]:راجع جـ 14 ص 83.