تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ وَقَدۡ أَنزَلۡنَآ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖۚ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (5)

يخبر تعالى عمن شاقوا الله ورسوله وعاندوا شرعه{ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } أي : أهينوا ولعنوا وأخزوا ، كما فعل بمن أشبههم ممن قبلهم{ وَقَدْ أَنزلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } أي : واضحات لا يخالفها ولا يعاندها إلا كافر فاجر مكابر ، { وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ } أي : في مقابلة ما استكبروا عن اتباع شرع الله ، والانقياد له ، والخضوع لديه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ وَقَدۡ أَنزَلۡنَآ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖۚ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (5)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ يُحَآدّونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مّهِينٌ } .

يقول تعالى ذكره : إن الذين يخالفون الله في حدوده وفرائضه ، فيجعلون حدودا غير حدوده ، وذلك هو المحادّة لله ولرسوله ، وأما قتادة فإنه كان يقول في معنى ذلك ما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّ الّذِينَ يُحادّونَ الله وَرَسُولَهُ يقول : يعادون الله ورسوله .

وأما قوله : كُبِتُوا كمَا كُبِتَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فإنه يعني : غيظوا وأخزوا كما غيظ الذين من قبلهم من الأمم الذين حادّوا الله ورسوله ، وخزُوا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة كُبِتُوا كمَا كُبِتَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ خُزوا كما خزي الذين من قبلهم .

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول : معنى كُبِتُوا أهلكوا .

وقال آخر منهم : يقول : معناه غيظوا وأخزوا يوم الخندق كمَا كُبِتَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يريد من قاتل الأنبياء من قبلهم .

وقوله : وَقَدْ أنْزَلْنا آياتٍ بَيّناتٍ يقول : وقد أنزلنا دلالات مفصلات ، وعلامات محكمات تدلّ على حقائق حدود الله .

وقوله : { وللْكافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ }يقول تعالى ذكره : ولجاحدي تلك الاَيات البيّنات التي أنزلناها على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ومنكريها عذاب يوم القيامة مهين : يعني مذلّ في جهنم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ وَقَدۡ أَنزَلۡنَآ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖۚ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (5)

{ إن الذين يحادون الله ورسوله } يعادونهما فإن كلا من المتعادين في حد غير حد الآخر أو يضعون أو يختارون حدودا غير حدودهما كبتوا أخزوا وأهلكوا وأصل الكبت الكب كما كبت الذين من قبلهم يعني كفار الأمم الماضية وقد أنزلنا آيات بينات تدل على صدق الرسول وما جاء به وللكافرين عذاب مهين يذهب عزهم وتكبرهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ وَقَدۡ أَنزَلۡنَآ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖۚ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (5)

هذه الآيات نزلت في منافقين وقوم من اليهود كانوا في المدينة يتمرسون{[11001]} برسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، ويتربصون{[11002]} بهم الدوائر ، ويديرون{[11003]} عليهم ويتمنون فيهم المكروه ويتناجون بذلك ، فنزلت هذه الآيات إلى آخر أمر النجوى فيهم ، والمحادة : أن يعطي الإنسان صاحبه حد قوله أو سلاحه وسائر أفعاله . وقال قوم : هو أن يكون الإنسان في حد ، وصاحبه في حد مخالف . و : كبت الرجل : إذا بقي خزيان يبصر ما يكره ولا يقدر على دفعه . وقال قوم منهم أبو عبيدة أصله كبدوا ، أي أصابهم داء في أكبادهم ، فأبدلت الدال تاء ، قال القاضي أبو محمد : وهذا غير قوي . و : { الذين من قبلهم } سابقو الأمم الماضية الذين حادوا الرسل قديماً .

وقوله تعالى : { وقد أنزلنا آيات بينات } يريد في هذا القرآن ، فليس هؤلاء المنافقون بأعذر من المتقدمين .


[11001]:تمرس به: احتك به.
[11002]:تربص به: انتظر أن يحل به شر أو خير. وهم هنا ينتظرون الشر.
[11003]:أدراه عن الأمر وعليه وداوره: لاوصه، يقال: أدرت فلانا على الأمر إذا حاولت إلزامه إياه، وأدرته عن الأمر إذا طلبت منه تركه.