قوله تعالى : { إِنَّ الذين يُحَادُّونَ الله وَرَسُولَهُ } الآية .
قال المبرد : أصل «المحادّة » الممانعة ، ومنه يقال للبواب : حداد ، وللممنوع الرزق : محدود{[55639]} .
وقال أبو مسلم الأصفهاني : «المحادّة » : مفاعلة من لفظ الحديدِ ، والمراد المقاتلة بالحديد ، سواء كان ذلك في الحقيقة ، أو كان منازعة شديدة شبيهة للخصومة بالحديد .
فصل في مناسبة الآية لما قبلها{[55640]}
لما ذكر المؤمنين الواقفين عند حدوده ذكر المحادّين المخالفين لها ، قال المفسرون : المُحادة : المُعَاداة والمخالفة في الحدود ، وهو كقوله تعالى : { ذلك بِأَنَّهُمْ شَاقُّواْ الله وَرَسُولَهُ } [ الأنفال : 13 ] .
وقيل : يحادون الله ، أي : أولياء الله كما جاء في الخبر ، «مَنْ أهَانَ لِي وليًّا فقدْ بَارَزَني بالمُحاربةِ »{[55641]} .
قال الزجاج{[55642]} : المحادّة : أن تكون في حد يخالف حد صاحبك .
والضمير في قوله «يحادّون » يمكن أن يرجع إلى المُنافقين{[55643]} ، فإنهم كانوا يوادّون الكافرين ، ويظاهرونهم على النبي صلى الله عليه وسلم فأذلهم الله سبحانه وتعالى ، ويحتمل أن يرجع لجميع الكُفَّار ، فأعلم الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أنهم كبتوا ، أي خذلوا .
قال المبرد رحمه الله تعالى : كبت الله فلاناً ، أي : أذلّه ، والمردود بالذل يقال له مكبوت .
وقال أبو عبيدة والأخفش : أهلكوا .
وقال قتادة : خزوا كما خزي الذين من قبلهم{[55644]} .
وقال ابن زيد : عذبوا{[55645]} .
وقال السدي : لعنوا{[55646]} ، وقال الفراء : غيظوا يوم الخندق .
وقيل معنى كبتوا : أي سيكبتون ، وهو بشارة من الله للمؤمنين بالنصر ، وأخرج الكلام بلفظ الماضي تقريباً{[55647]} للمخبر عنه .
وقيل : لغة مذحج{[55648]} .
ويحتمل أن يكون لتحقق وقوعه ، والمراد بالذين من قبلهم أعداء الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم - { وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } فيمن حاد الله ورسوله من الذين من قبلهم فيما فعلنا بهم { وَلِلْكَافِرِينَ } بهذه الآيات { عَذَابٌ مُّهِينٌ } يذهب بعزّهم وكبرهم ، فبين تعالى أن عذاب المحاربين في الدنيا الذُّل والهوان ، وفي الآخرة العذاب الشديد{[55649]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.