صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخۡلُقُ بَنَاتٖ وَأَصۡفَىٰكُم بِٱلۡبَنِينَ} (16)

{ أم اتخذ مما يخلق . . . } أي بل أتخذ لنفسه من خلقه البنات ، واختار لكم البنين ! ؟ والاستفهام للإنكار والتوبيخ .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخۡلُقُ بَنَاتٖ وَأَصۡفَىٰكُم بِٱلۡبَنِينَ} (16)

قوله تعالى : " أم اتخذ مما يخلق بنات " الميم صلة ، تقديره اتخذ مما يخلق بنات كما زعمتم أن الملائكة بنات الله ، فلفظه الاستفهام ومعناه التوبيخ . " وأصفاكم بالبنين " أي اختصكم وأخلصكم بالبنين ، يقال : أصفيته بكذا ، أي آثرته به . وأصفيته الود أخلصته له . وتصافينا تخالصنا . عجب من إضافتهم إلى الله اختيار البنات مع اختيارهم لأنفسهم البنين ، وهو مقدس عن أن يكون له ولد ، وإن توهم جاهل أنه اتخذ لنفسه ولدا فهلا أضاف إليه أرفع الجنسين ! ولم جعل هؤلاء لأنفسهم أشرف الجنسين وله الأخس ؟ وهذا كما قال تعالى : " ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى " {[13599]} [ النجم :22 ] .


[13599]:آية 21 سورة النجم.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخۡلُقُ بَنَاتٖ وَأَصۡفَىٰكُم بِٱلۡبَنِينَ} (16)

ولما كان كأنه قيل إنكاراً عليهم وتهكماً بهم حيث لم يرضوا بأن جعلوا لمن إليه الجعل من عباده جزءاً حتى جعلوه شر الجزئين الإناث ، وهم أشد الناس نفرة منهن : أوهب له ذلك الجزء الذي جعلتموه إناثاً غيره قسراً بحيث لم يقدر أن ينفك عنه كما قدم في السورة التي قبله عن نفسه المقدس أنه يهب لمن يشاء إناثاً ولا يقدر على التقصير عنهن بوجه ، عادله بقوله عائداً إلى الخطاب لأنه أقعد في التبكيت على اختيار الغي عن الصواب : { أم اتخذ } أي عالج هو نفسه فأخذ بعد المعالجة وهو خالق الخلق كلهم { مما يخلق } أي يجدد إبداعه في كل وقت كما اعترفتم { بنات } فلم يقدر بعد التكليف والتعب على غير البنات التي هي أبغض الجزئين إليكم ، ونكر لتخصيصهم اتخاذه ببعض هذا الصنف الذي شاركه فيه غيره ، وعطف على قوله " اتخذ " ليكون منفياً على أبلغ وجه لكونه في حيز الإنكار : { وأصفاكم } وهو السيد وأنتم عبيده { بالبنين } أي الجزء الأكمل لديكم المستحق لأن يكون دائماً مستحضراً في الخاطر فلذلك عرفه ولأنهم ادعوا أن هذا النوع كله خاص بهم لم يشاركهم في شيء منه ، فكان هذا الكفر الثاني أعرق في المحال من الأول للزيادة على مطلق الحاجة بالسفه في أنه رضي بالدون الخسيس فلم يشاركهم في شيء من الأعلى ، بل جعل لهم ذلك خالصاً صافياً عن أدنى ما يشوبه من كدر .