فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخۡلُقُ بَنَاتٖ وَأَصۡفَىٰكُم بِٱلۡبَنِينَ} (16)

{ أَمِ اتخذ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ } وقوله : { وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ للرحمن } وقوله : { وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إناثا } وقيل : المراد بالجزاء هنا الملائكة ؛ فإنهم جعلوهم أولاداً لله سبحانه قاله مجاهد والحسن . قال الأزهري : ومعنى الآية أنهم جعلوا لله من عباده نصيباً ، على معنى : أنهم جعلوا نصيب الله من الولدان { إِنَّ الإنسان لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } أي ظاهر الكفران مبالغ فيه ، قيل : المراد بالإنسان هنا الكافر ، فإنه الذي يجحد نعم الله عليه جحوداً بيناً . ثم أنكر عليهم هذا فقال : { أَمِ اتخذ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ } وهذا استفهام تقريع وتوبيخ . وأم هي : المنقطعة ، والمعنى : أتخذ ربكم لنفسه البنات { وأصفاكم بالبنين } فجعل لنفسه المفضول من الصنفين ولكم الفاضل منهما ، يقال : أصفيته بكذا ، أي : آثرته به ، وأصفيته الودّ : أخلصته له ، ومثل هذه الآية قوله : { أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى } [ النجم : 21 ، 22 ] وقوله : { أفأصفاكم رَبُّكُم بالبنين } [ الإسراء : 40 ] وجملة : { وأصفاكم } معطوفة على { اتخذ } داخلة معها تحت الإنكار .

/خ20