الأولى- قوله تعالى : " والذي خلق الأزواج " أي والله الذي خلق الأزواج . قال سعيد بن جبير : أي الأصناف كلها . وقال الحسن : الشتاء والصيف والليل والنهار والسموات والأرض والشمس والقمر والجنة والنار . وقيل : أزواج الحيوان من ذكر وأنثى . قاله ابن عيسى . وقيل : أراد أزواج النبات ، كما قال تعالى : " وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج " {[13588]} [ ق : 7 ] و " من كل زوج كريم " {[13589]} [ لقمان : 10 ] . وقيل : ما يتقلب فيه الإنسان من خير وشر ، وإيمان وكفر ، ونفع وضر ، وفقر وغنى ، وصحة وسقم .
قلت : وهذا القول يعم الأقوال كلها ويجمعها بعمومه .
قوله تعالى : " وجعل لكم من الفلك " السفن " والأنعام " الإبل " ما تركبون " في البر والبحر . " لتستووا على ظهوره " ذكر الكناية لأنه رده إلى ما في قوله : " ما تركبون " . قاله أبو عبيد . وقال الفراء : أضاف الظهور إلى واحد لأن المراد به الجنس ، فصار الواحد في معنى الجمع بمنزلة الجيش والجند ؛ فلذلك ذكر ، وجمع الظهور ، أي على ظهور هذا الجنس .
الثانية- قال سعيد بن جبير : الأنعام هنا الإبل والبقر . وقال أبو معاذ : الإبل وحدها ، وهو الصحيح لقوله عليه السلام : بينما رجل راكب بقرة إذ قالت له لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( آمنت بذلك أنا وأبو بكر وعمر ) . وما هما{[13590]} في القوم . وقد مضى هذا في أوّل سورة " النحل " {[13591]} مستوفى والحمد لله .
ولما انتهزت هذه الفرصة ، وسوغ ذكرها ما أثره سوء اعتقادهم من عظيم الغصة ، شرع في إكمال ما يقتضيه الحال من الأوصاف ، فقال عائداً إلى أسلوب العزة والعلم للإيماء إلى الحث على تأمل الدليل على بعث الأموات بانتشار الموات معيداً للعاطف تنبيهاً على كمال ذلك الوصف الموجب لتحقيق مقصود السورة من القدرة على ردهم بعد صدهم : { والذي خلق الأزواج } أي الأصناف المتشاكلة التي لا يكمل شيء منها غاية الكمال إلا بالآخر على ما دبره سبحانه في نظم هذا الوجود { كلها } من النبات والحيوان ، وغير ذلك من سائر الأكوان ، لم يشاركه في شيء منها أحد .
ولما ذكر الأزواج ، وكان المتبادر إلى الذهن إطلاقها على ما هو من نوع واحد ، دل على أن المراد ما هو أعم ، فقال ذاكراً ما تشاكل في الحمل وتباين في الجسم : { وجعل لكم } لا لغيركم فاشكروه { من الفلك } أي السفن العظام في البحر { والأنعام } في البر { ما تركبون * } وحذف العائد لفهم المعنى تغليباً للمتعدي بنفسه في الأنعام على المتعدي بواسطة في الفلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.