ثم قال : { قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا }[ 107 ] .
أي : غلب علينا ما سبق في سابق علمك وخط لنا في أم الكتاب .
ثم قال : { قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا }[ 107 ] .
أي : غلب علينا ما سبق في سابق علمك وخط لنا في أم الكتاب .
قال مجاهد{[47670]} : شقوتنا التي كتبت علينا .
قال ابن جريج{[47671]} : بلغنا أن أهل النار نادوا خزنة جهنم أن { أدعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب }{[47672]} فلم يجيبهم ما شاء الله ، فلما أجابوهم بعد حين قالوا : { فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ظلال }{[47673]} .
قال : ثم نادوا مالكا : { يا مالك ليفض علينا ربك }{[47674]} قال : فسكت عنهم مالك خازن جهنم أربعين سنة ثم أجابهم فقال : { إنكم ماكثون } ، ثم نادى الأشقياء ربهم فقالوا : { ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين }{ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون } قال : فسكت عنهم مقدار الدنيا ، ثم أجابهم بعد ذلك { اخسئوا فيها ولا تكلمون } .
وروى أن لأهل جهنم أربع دعوات ، أولها ما حكى الله جل ذكره في غافر من قولهم : { قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل }{[47675]} ، والثانية ، ما حكى الله عنهم في غافر أيضا قوله : { وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب }{[47676]} فأجابتهم الخزنة : { أولم تك تاتيكم رسلكم بالبينات } قالوا : ( بلى ) ، قالت لهم الخزنة : { فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ظلال }{[47677]} .
والثالثة ما حكى الله تعالى عنهم في الزخرف من قوله : { ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك } فأجابهم مالك فقال : { إنكم ما كثون } ، والرابعة في قد أفلح : قوله { ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون } فيجيبهم الرب اخسئوا فيها ولا تكلمون ، فتصير لهم همهمة كنباح الكلاب .
ومعنى : ( اخسئوا ) ابعدوا من رحمتي وعطفي ، يقال : خسأت الكلب ، أبعدته ، وقال تعالى ذكره ( ينقلب إليك البصر خاسئا ) أي مبعدا .
وقالحمد بن كعب{[47678]} : بلغني{[47679]} أن أل النار استغاثوا بالخزنة : ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب ، فردوا عليهم{[47680]} ما قال الله جل ذكره ، فلما يئسوا نادوا : يا مالك ، وهو عليهم ، وله مجلس في وسطها تمر عليه ملائكة العذاب ، وهو يرى أقصاها كما يرى أدناها ، فقالوا يا مالك ليقض علينا ربك ، سألوا الموت فمكثوا لا يجيبهم ثمانين سنة من سني الآخرة ، ثم لفظ إليهم فقال : إنكم ما كثون ، فلما سمعوا ذلك قالوا : فاصبروا ، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله قال : فصبروا ، فطال صبرهم ، فنادوا : { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص } ، أي : منجى ، فقام إبليس عند ذلك فخطبهم فقال : { إن الله وعدكم وعد الحق }{[47681]} إلى قوله { أشركتمون من قبل } فلما سمعوا مقالته ، مقتوا أنفسهم قال فنودوا : { لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم } إلى قوله : { من سبيل } . . . قال فيجيبكم الله جل ذكره فيها : { ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم } إلى{[47682]} { الكبير } .
قال : فيقولون : ما أيأسنا بعد . قال ثم دعوا مرة أخرى ، فيقولون : { ربنا أبصرنا وسمعنا } . . . إلى . . . { موقنون } قال : فيقول الرب : { ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها } إلى قوله : { بما كنتم تعملون } . قال : فيقولون : ما أيأسنا بعد قال : فيدعون مرة أخرى : { ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل } قال : فيقول لهم : { أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال } الآية . قال : فيقولون : ما أيأسنا بعد ثم قالوا مرة أخرى : { ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل } قال : فيقول لهم : { أولم نعمركم ما يتذكر فيه } من تذكر . . . { من نصير } . . . قال : ثم مكث عنهم ما شاء الله ثم ناداهم{[47683]} : { ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون } ، فلما سمعوا ذلك قالوا : الآن يرحمنا ، فقالوا عند ذلك : ربنا غلبت علينا شقوتنا أي : الكتاب الذي تقدم فيه أنا أشقياء ، { وكنا قوما ضالين . . . } إلى { . . . ظالمون } فقال لهم عند ذلك : اخسئوا فيها ولا تكلمون قال : فلا يتكلمون فيها أبدا . قال : فانقطع{[47684]} عند ذلك الدعاء والرجاء منهم ، وأقبل بعضهم ينبح في وجه بعض ، فأطبقت النار عليهم{[47685]} قال عبد الله بن المبارك : فذلك قوله : { هذا يوم لا ينطقون ولا يوذن لهم فيعتذرون } .
وروي عن زيد بن أسلم{[47686]} أن أهل النار لا يتنفسون .
وقال أبو الدرداء{[47687]} يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب ، فيستغيثون فيغاثون بالضريع ألا يسمن ولا يغني من جوع ، فيستغيثون ، فيغاثون بطعام ذي غصة ، فيغصون به ، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب ، فيستغيثون بالشراب فيرفع إليهم الحميم بكلابيب الحديد ، فإذا دنا من وجوههم ، شوى وجوههم ، فإذا دخل بطونهم ، قطع أمعاءهم وما في بطونهم ، فيدعون خزنة جهنم ، فيقولون لهم : ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب كالحديث الأول .
وقوله : { وكنا قوما ضالين }[ 107 ] .
أي : ضللنا عن سبيل الرشد وقصد الحق .
والشقوة والشقاوة لغتان بمعنى{[47688]} عند الكسائي والفراء .
وقيل : معنى ذلك : غلبت علينا لذاتنا وأهواؤنا ، فسميت اللذات والأهواء شقوة ، لأنهما{[47689]} يؤديان إليها ، كما قال : { إنما ياكلون في بطونهم نارا } فسمى أكل مال اليتيم{[47690]} نارا لأنه يؤدي إلى النار . ومعنى : ( اخسئوا فيها ) : تباعدوا تباعد سخط . يقال : خسأت الكلب ، إذا زجرته ليتباعد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.