الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{سُورَةٌ أَنزَلۡنَٰهَا وَفَرَضۡنَٰهَا وَأَنزَلۡنَا فِيهَآ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لَّعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم

سورة النور

مدنية{[1]}

قوله{[47710]} تعالى ذكره : { سورة أنزلناها }[ 1 ] ، إلى قوله : { طائفة من المومنين }[ 2 ] .

سورة مرفوعة على إضمار{[47711]} مبتدأ ، أي هذه السورة ، وأنزلناها نعت للسورة ، وقبح رفعها على الابتداء لأنها نكرة ، ولا يبتدأ بالنكرات إذ لا فائدة فيها ، وقد أجازه أبو عبيدة{[47712]} .

وقرأ{[47713]} عيسى{[47714]} بن عمر بالنصب على معنى : اتل سورة ، أو على معنى : أنزلنا سورة أنزلناها .

ومن{[47715]} شدد{[47716]} { فرضناها } جعله بمعنى{[47717]} : فضلناها ، فجعلنا{[47718]} فيها فرائض مختلفة .

وقيل{[47719]} : معنى التشديد أنه فرضها على من أنزلت عليهم ، وعلى من بعدهم إلى يوم القيامة ، فشدد ليدل على معنى التكثير{[47720]} من المأمورين .

ومن خفف جعله على معنى{[47721]} : أوجبنا ما فيها من الأحكام فجعلناه فرضا عليكم . وقوله : { قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم{[47722]} وما ملكت أيمانهم }{[47723]} ، يدل على اختيار التخفيف ، لأنه فيه معنى تكثير{[47724]} المأمورين ، لأنه فرض علينا وعلى من بعدنا ومن قبلنا ، وفيه فرائض مختلفة أيضا ، وقد أجمع على تخفيفه .

قال{[47725]} ابن عباس{[47726]} { فرضناها } بيناها .

وقيل{[47727]} { فرضناها } فرضنا العمل بما فيها ، وهذا يدل على التخفيف .

وقول ابن عباس يدل على التشديد .

وقوله : { وأنزلنا فيها آيات بينات } ، أي دلالات وحجج على الحق ، واضحات لمن تأملها وآمن بها{[47728]} .

قال{[47729]} ابن جريج{[47730]} : آيات{[47731]} بينات : يعني الحلال ، والحرام ، والحدود .

{ لعلكم تذكرون }[ 1 ]{[47732]} ، أي تذكرون{[47733]} بهذه الآيات{[47734]} التي أنزل عليكم .


[1]:أ: إذ.
[47710]:ز: سورة النور مدنية بسم الله الرحمن الرحيم قوله "...".
[47711]:ز: الضمار.
[47712]:انظر: مجاز القرآن 2/63، والقرطبي 12/158، وأبو عبيدة: هو معمر بن المثنى التيمي بالولاء، البصري، من أئمة العلم بالأدب واللغة، مولده ووفاته في البصرة سنة210، انظر: الوفيات2/105، وتذكرة الحفاظ 1/338، وبغية الوعاة 395، وميزان الاعتدال 3/189، وتاريخ بغداد 13/252، والأعلام 8/191.
[47713]:المحتسب 2/99، منار الهدى 194، وشواذ القرآن101.
[47714]:هو عيسى بن عمر الثقفي بالولاء، أبو سليمان: من أئمة اللغة. وهو شيخ الخليل، وسيبويه، وابن العلاء. انظر: وفيات الأعيان 1/393، وخزانة الأدب للبغدادي 1/56، ونزهة الألباء 25، وطبقات النحويين للزبيدي 35-41، والأعلام 5/106.
[47715]:ز: فمن.
[47716]:شدد بعض قراء الحجاز، والبصرة، وكذلك كان مجاهد يقرأه ويتأوله انظر: ابن جرير 18/65، انظر: زاد المسير 6/4، كتاب السبعة 452، والحجة 259، والكشف 2/133، والنشر 2/330، والتيسير 161، وإتحاف فضلاء البشر 2/191، والقرطبي 12/158.
[47717]:ز: بمنزلة.
[47718]:ز: فجعلناها.
[47719]:الخازن 5/47.
[47720]:ز: التكثر.
[47721]:"بمعنى" سقطت من ز.
[47722]:ز: أو: وهو تحريف.
[47723]:الأحزاب: آية50.
[47724]:ز: يكثر.
[47725]:انظر: ابن جرير 18/66، والدر المنثور 18/124، وفتح القدير: 4/6، وصحيح البخاري 6/182.
[47726]:ابن عباس: هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيد المفسرين، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الخلفاء الأربعة، وعن أبيه وأمه، وأخيه الفضل، وغيرهم من الصحابة في: الإصابة 4772، وحلية الأولياء 1/314، ووفيات الأعيان 1/248، والتهذيب 5/278، وأسد الغابة 3/193، والأعلام 4/229.
[47727]:البحر 6/427.
[47728]:ز: وأمر.
[47729]:انظر: ابن جرير 18/66، والدر المنثور 18/124.
[47730]:هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي الرومي الأصل، ثقة كثير الحديث توفي سنة 151هـ.انظر: التهذيب 6/403-406. وتذكرة الحفاظ: 169-171، وطبقات القراء 1/469.
[47731]:"آيات" سقطت من ز.
[47732]:بعده في ز: بهذه.
[47733]:"أي تذكرون" سقطت من ز.
[47734]:ز: الآية.