الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَٱتَّخَذۡتُمُوهُمۡ سِخۡرِيًّا حَتَّىٰٓ أَنسَوۡكُمۡ ذِكۡرِي وَكُنتُم مِّنۡهُمۡ تَضۡحَكُونَ} (110)

{ فاتخذتموهم سحريا } أي جعلتم تهزءون منهم{[47694]} .

هذا على قراءة من كسر السين/ ومن ضمها فمعناه فجعلتم تسخرون .

هذا مذهب أبي عمرو وأبي عبيدة وقطرب{[47695]} .

وهو قول الحسن وقتادة . وهما لغتان عند الكسائي والفراء{[47696]} .

بمعنى الهزء ، فإذا كان بمعنى السخرة والتسخير فهو بالضم لا غير ، نحو :

{ ليتخذ بعضهم بعضا سخريا }{[47697]} ثم قال : { حتى أنسوكم ذكرى }[ 111 ] .

أي : لم تزالوا تستهزءون بهم حتى أنساكم ذلك من فعلكم بهم ذكرى فألهاكم عنه .

قال ابن زيد{[47698]} : أنساهم الاستهزاء بهم والضحك ذكر الله ، وقرأ .

{ إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون } . . . إلى . . . قوله . . { لضالون }{[47699]} . ومثله في إضافة الفعل إلى غير فاعله قوله { رب إنهن أضللن كثيرا من الناس }{[47700]} أي : ضل بهم كثير من الناس لم يكن له صنام فعل يضل به الناس . الناس هم الضالون لعبادته الأصنام ، فكذلك أنسوكم ذكري ، لم ينسيهم المؤمنون ذكر الله بل نسوا ذلك ، أي تركوه{[47701]} .


[47694]:ز: بهم.
[47695]:قال في الكشف 2/131 : (قرأه نافع وحمزة والكسائي بضم السين وقرأ الباقون بالكسر). وانظر: التيسير: 160.
[47696]:انظر: معاني الفراء 2/243.
[47697]:الزخرف آية 31.
[47698]:انظر: جامع البيان 18/61.
[47699]:المطففين آية 29-32.
[47700]:إبراهيم آية 38.
[47701]:انظر: هذا التأويل في الحجة لأبي علي الفارسي 2/150.