تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ قَدَّرۡنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (60)

الآية 60 : وقوله تعالى : { إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين } { إلا امرأته } أخبر أنهم يهلكون قومه ، ثم استثنى آله منهم ، ثم امرأته من آله .

ففيه دلالة أن الثنيا ليس برجوع ؛ لأنه لو كان [ رجوعا لكان ]{[9920]} يوجب الكذب في الخبر . ولكن في الثنيا بيان تحصيل المراد مما أجمل في اللفظ .

وفيه دلالة أيضا أنه يجوز أن يستثنى من الاستثناء ، لأنه استثنى امرأته من آله بقوله : { إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين } { إلا امرأته } فجعلت {[9921]} المرأة من قومه حين{[9922]} استثناها من آله .

وفيه أنه قد يجوز أن يستثنى من خلاف نوعه ، لأنه استثنى آل لوط من قومه ، والمجرم ليس من نوع المصالح ، ثم استثنى امرأته من آله ، وليست منهم .

وفيه أيضا أن آل الرجل يكون أتباعه حين {[9923]} استثنى آله منهم ، يدخل فيه من تبعه .

ألا ترى أنه قال : آل فرعون ، وإنما هم أتباعه ، وآل موسى وآل هارون وآل عمران : كل يرجع إلى أتباعهم ؟ فيدخل في قولهم : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كل من تبعه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين } قال أبو بكر الأصم : { قدرنا إنها } أي أخبرنا . لكن هذا منه احتيال على تقوية مذهب الاعتزال : إنهم ينكرون أن تكون أفعال العبيد مقدرة لله مخلوقة ، ففي ذلك دلالة على أن أفعالهم مخلوقة لله مقدرة له . وأصله : أي قدرنا بقاءها من الأصل .

وقوله تعالى : { لمن الغابرين } أي الباقين : قال أبو عوسجة : الغابرون الباقون ، والغابرون الماضون أيضا ؛ يقال : غبر يغبر غبرا إذا بقي ، وإذا مضى أيضا .


[9920]:من م، ساقطة من الأصل.
[9921]:في الأصل وم: فحصلت.
[9922]:في الأصل وم: حيث.
[9923]:في الأصل وم: حيث.