تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَٰرَهُمۡ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٞ وَٱمۡضُواْ حَيۡثُ تُؤۡمَرُونَ} (65)

الآية 65 وقوله تعالى : { فاسر بأهلك بقطع من الليل } أي ببعض منم الليل . وقال بعضهم : بسحر على ما قال : { نجيناهم بسحر } ( القمر : 34 ) وهو بعض ، سحرا{[9928]} كان ، أو غيره { واتبع أدبارهم } أي سر من ورائهم .

وهكذا الواجب على كل من ولى أمر جيش أن يتبع أثرهم ، أو يأمر من يتبع أثرهم ليلحق بهم من تخلف منهم ، ويحمل المنقطع منهم ، وليكون ذلك أحفظ .

وقوله تعالى : { ولا يلتفت منكم أحد } إلا امرأتك فإنها تتخلف عنهم ، فيصيبها ما أصاب / 278 – ب / أولئك .

هذا يدل أن ليس في تقديم الكلام وتأخيره منع ، ولا في تغيير اللسان ولفظه بعد أن يؤدي المعنى خطر ، لأن قصة لوط وغيرها من القصص ذكرت ، وكررت على الزيادة والنقصان وعلى اختلاف الألفاظ واللسان . فدل أن اختلاف ذلك لا يوجب تغييرا في المعنى ، ولا بأس بذلك .

وقال بعضهم في قوله : { ولا يلتفت منكم أحد } أي لا ينظر أحد وراءه . فهو ، والله أعلم ، لما لعلهم إذ نظروا وراءهم ، فرأوا ما حل بهم من تقليب الأرض وإرسالها عليهم ، لا تحتمل بنيتهم وقلوبهم ، فيهلكون ، أو يصعقون .

ألا ترى أن موسى مع قوته لم يحتمل اندكاك الجبل ؟ ولكن صعق ، فصار مدهوشا في ذلك الوقت ، فهؤلاء أضعف ، وما حل بقومهم أشد ، فبنيتهم أحرى ألا تتحمل ذلك ، والله أعلم .


[9928]:في الأصل وم: سحر.