تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (40)

وقوله تعالى : { ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء } هذا ، والله أعلم ، على إثر قوله : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء } [ المائدة : 38 ] وعلى إثر قوله : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } الآية [ المائدة : 33 ] . إن { له ملك السماوات والأرض } وله أن { يعذب من يشاء } بعد التوبة وقبل التوبة { ويغفر لمن يشاء } ولا يعذب بعد التوبة . وذلك أن المحارب إذا تاب قبل أن يقدر عليه الحد الذي وجب في حال المحاربة ، والسارق إذا تاب قبل أن يقدر عليه الأخذ به أخبر أن له أن يعذب من يشاء .

وفيه نقض على المعتزلة لأنهم يقولون : الصغيرة مغفورة ، وليس له أن يعذب عليها ، والكبيرة يخلد صاحبها في النار ، ليس له أن يعفو عنها . فلو كان على ما قالوا لذهب معنى التخيير بقوله تعالى : { يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء } إن عفا عفا ما عليه أن يعفو ، وكذلك ما عذب عذب ما عليه أن يعذب ، فتذهب فائدة التخيير ، وقد أخبر أنه { يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء } .