وقوله تعالى : { سماعون للكذب } يحتمل وجهين :
يحتمل : { سماعون } أي مستمعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليعرفوا ، فيكذبوا عليه .
ويحتمل قوله : { سماعون للكذب } أي قائلون : ما ألقي إليهم من الكذب كانوا يقبلون ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { أكالون للسحت } قال بعضهم : كل حرام ، هو سحت . وإن كان السحت اسم كل حرام فذلك يعم ك حرام وجميع الكفرة أو أكثرهم . وقال بعضهم : السحت هو الرشوة في الحكم . فإن كان السحت هذا فذلك يرجع إلى رؤسائهم الذي يحكمون في ما بينهم ، ويأخذون على ذلك رشوة .
وقوله تعالى : { فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } اختلف فيه ، قال بعضهم : هو على التخيير إذا رفعوا إلى الإمام [ أمرهم ] إن شاء حكم بينهم ، وإن شاء أعرض ، ولم يحكم . [ وقال بعضهم : إنه ] منسوخ بقوله تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم } [ الآية : 49 ] أمر بالحكم بينهم ، إذا جاؤوا ، ونهى أن يتبع أهواءهم ، وفي ترك الحكم بينهم اتباع هواهم . قالوا منسوخ بهذه الآية .
وأمكن الجمع بينهم ، وهو أن قوله تعالى : { فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } في قوم من أهل الحرب دخلوا دار الإسلام بأمان ، فرفعوا إلى الإمام أمرهم ، فالإمام بالخيار إن شاء ردهم إلى مأمنهم ، ونقض عليهم ، ولم يحكم بينهم ، وإن شاء [ ما ] تركهم ، وحكم بينهم ، فذلك معنى التخيير ، والله أعلم . وقوله تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم } ذلك في أهل الذمة الراضين بحكمنا ؛ إذا رفعوا إلى الحاكم [ أمرهم ] يجب أن يحكم بينهم ، ولا يرد عليهم ما طلبوا من إجراء الحكم عليهم لأنهم به ليس له فسخ ما أعطى لهم من العهود والمواثيق ، وهم قد رضوا بحكمنا . لذلك ألزم الحكم بينهم ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا } يحتمل وجهين :
يحتمل أن يقع الإعراض عنهم موقع الجفاء ، ويعدوا ذلك جفاء ، فأمن عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يلحقه ضرر منهم .
ويحتمل قوله تعالى : { فلن يضروك شيئا } أي ليس عليك ضرر ما هو فيه ؛ فإنما ضرر ذلك عليهم ، وهو كقوله تعالى : { فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم } [ النور : 54 ] وكقوله تعالى : { ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء } الآية [ الأنعام : 52 ] .
وقوله تعالى : { وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط } أي بالعدل كقوله تعالى : { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله } [ النساء : 135 ] وكقوله تعالى : { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } الآية [ النساء : 58 ] .
[ وقوله تعالى ] : { إن الله يحب المقسطين } أي العادلين في الحكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.