[ 40 ] { ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير ( 40 ) } .
{ ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض } فإن عنوان الألوهية مدار أحكام ملكوتهما . والاستفهام لتقرير العلم . والمراد به الاستشهاد بذلك على قدرته تعالى على ما سيأتي من التعذيب والمغفرة على أبلغ وجه وأتمه . أي : ألم تعلم أن له السلطان القاهر والاستيلاء الباهر المستلزمان للقدرة التامة على التصرف الكلي فيهما وفيما فيهما { يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء } وتقديم التعذيب لأن السياق للوعيد . فيناسب ذلك تقديم ما يليق به من الزواجر { والله على كل شيء قدير } ومنه التعذيب والمغفرة .
ذهب الجمهور إلى أن توبة السارق تسقط عنه حدود الله . وأما حق الآدمي من القطع ورد المال أو بدله فلا يسقط بتوبته .
وقال أبو حنيفة : متى قطع ، وقد تلفت في يده فإنه لا يرد بدلها . وقد بينت السنة أنه إن عفي عنه قبل الرفع إلى الإمام ، سقط القطع .
روى ابن ماجة{[3033]} عن ثعلبة الأنصاري : " أن عمر بن سمرة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إني سرقت جملا لبني فلان فطهرني فأرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا افتقدنا جملا لنا . فأمر به فقطعت يده . قال ثعلبة ( أحد رجال السند ) : أنا أنظر إليه حين وقعت يده وهو يقول : الحمد لله طهرني منك . أردت أن تدخلي جسدي النار " . وروى الإمام أحمد{[3034]} عن عبد الله بن عمرو : " أن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجاء بها الذين سرقتهم فقالوا : يا رسول الله ! إن هذه المرأة سرقتنا ، قال قومها : فنحن نفديها ( يعني أهلها ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقطعوا يدها . فقطعت يدها اليمنى ، فقالت المرأة : هل لي من توبة ؟ يا رسول الله ؟ قال : نعم . أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك . فأنزل الله عز وجل في سورة المائدة : { فمن تاب من بعد ظلمه . . . } الآية " .
قال ابن كثير : وهذه المرأة هي المخزومية التي سرقت . وحديثها ثابت في ( الصحيحين ){[3035]} ن رواية الزهري عن عائشة : " أن امرأة سرقت في عهده رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح . ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه . قال عروة : فلما كلمه أسامة فيها ، تلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أتكلمني في حد من حدود الله ؟ قال أسامة : استغفر لي ، يا رسول الله !
فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد . فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد . والذي نفس محمد بيده ! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .
ثم أمر رسول الله بتلك المرأة فقطعت يدها ، فحسنت توبتها بعد ذلك ، وتزوجت .
قالت عائشة : فكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، وهذا لفظ مسلم . وفي لفظ له{[3036]} عن عائشة قالت : " كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها " . وعن ابن عمر . قال : " كانت امرأة مخزومية تستعير متاعا على ألسنة جاراتها وتجحده . فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع يدها " . رواه الإمام أحمد{[3037]} وأبو داود والنسائي ، وهذا لفظه . وفي لفظ له{[3038]} : " إن امرأة كانت تستعير الحلي للناس ثم تمسكه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قم يا بلال ! فخذ بيدها فاقطعها " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.